بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم اعزاءنا الكرام ورحمة الله تعالى وبركاته، نرحب بحضراتكم اطيب ترحيب في هذا اللقاء ونحن نقف على جوانب من أخلاق أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام)، نرجوا التواصل معنا، نعود بعد لحظات.
ايها الكرام، الخلق والطباع الحسنة وبقية الصفات تماسكت في الامام علي (عليه السلام)، وتفاعلت بشكل متكامل، فلو تمعّنا في سيرته المباركة لرأينا الاخلاق والمثل العليا تتجلّى فيها بشكل قلّ نظيره. ها هو الطبري ينقل لنا في احداث سنة خمس وثلاثين للهجرة الرواية التالية...
اعزاءنا الكرام، مضمون ما ينقله الطبري، هو أن الامام علياً (عليه السلام) بعدما تسلّم الخلافة، حدث ان اجتمع عنده مرّة كبار المهاجرين، يريدون اقناعه بمسايرة معاوية، الى ان يستتبّ للامام الأمر، ثم بعد فترة من الزمن يقصيه، إلا ان موقف الامام علي (عليه السلام) كان مخالفا لهذا الطلب، مترفّعاً عن الحيلة والمواربة، وقد جاءه المغيرة بن شعبة بعد مبايعته بالخلافة، وهو من ذوي الحنكة والحيلة وحسن التدبير، فقال للامام علي (عليه السلام): "إنّ لك حق الطاعة والنصيحة، وان الرأي اليوم تحرز به ما في غد، وان الضياع اليوم تضيع به ما في غد، أقرر معاوية على عمله، وأقرر ابن عامر على عمله، وأقرر العمّال على أعمالهم –ويقصد بهم الولاة- حتى إذا اتتك طاعتهم وبيعة جنودهم استبدلت أو تركت" . ففكّر الامام عليٌ (عليه السلام) قليلاً، ثم أعلن عن إبائه الحيلة، وقال: "لا اداهن في ديني، ولا عطي الدنيّة في امري" . ولمّا ظهرت حيلة معاوية، أطلق الامام عليٌ (عليه السلام) هذه العبارة التي تصحّ ان تكون صيغة للخلق العظيم، وقال: "والله ما معاوية بأدهى مني، ولكنه يغدر ويفجر، ولولا كراهية الغدر، لكنت من أدهى الناس" . وها هو يشدّد على ضرورة الصدق مهما اختلفت الظروف بقوله: (علامة الايمان ان تؤثر الصدق حيث يضرّك، على الكذب حيث ينفعك).
اعزاءنا المستمعين، وقفنا في هذا اللقاء على جانب من اخلاق الامام علي (عليه السلام) يجسّدٌ الصدق وعدم المداهنة في الدين، وبهذا نأتي على نهاية لقاءنا هذا نستودعكم الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله.