السلام عليكم أعزاءنا وأهلا بكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج وفيها ننقل لكم نموذجاً لفتاوي كبار فقهاء اهل السنة التي تصرح بأن الآية الرابعة والستين من سورة النساء تتضمن حكماً إلهياً عاماً بزيارة الرسول الأعظم في حياتة وبعد رحيله – صلى الله عليه وآله -، كونوا معنا مشكورين.
قال الفقيه المجتهد ابن الحاج محمد بن محمد العبدري القيرواني المالكي المتوفى سنة 737 للهجرة في كتابه المدخل في فضل زيارة القبور: وأما عظيم جناب الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فيأتي إليهم الزائر، ويتعين عليه قصدهم من الأماكن البعيدة، فإذا جاء اليهم فليتصف بالذل والانكسار والمسكنة والفقر والفاقة والحاجة والاضطرار والخضوع، ويحضر قلبه وخاطره إليهم وإلى مشاهدتهم بعين قلبه لا بعين بصره لأنهم لا يبلون ولا يتغيرون، ثم يثني على الله تعالى بما هو أهله، ثم يتوسل إلى الله تعالى بهم في قضاء مآربه ومغفرة ذنوبه، ويستغيث بهم، ويطلب حوائجه منهم، ويجزم بالإجابة ببركتهم ويقوي حسن ظنه في ذلك، فإنهم باب الله المفتوح.
وجرت سنته سبحانه وتعالى بقضاء الحوائج على أيديهم وبسببهم، ومن عجز عن الوصول فليرسل بالسلام عليهم، ويذكر ما يحتاج إله من حوائجه ومغفرة ذنوبه وستر عيوبه إلى غير ذلك، فإنهم السادة الكرام، والكرام لا يردون من سألهم ولا من توسل بهم ولا من قصدهم ولا من لجأ إليهم.
هذا الكلام في زيارة الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام عموما.
مستمعينا الأفاضل، إذن فترك زيارة قبور اولياء الله والتوسل والإستشفاع بهم إليه عزوجل، تعبير عن نقص الإيمان بكونهم أحياء عند ربهم وفي ذلك تنقيص لهم عن المراتب التي رتبهم الله فيها نعوذ بالله من ذلك؛ وهذا يشمل جميع أولياء الله الصادقين سلام الله عليهم أجمعين.
أما الآن فنعود الى كلام الفقيه المالكي العبدري القيرواني فيما يرتبط بخصوص زيارة النبي الأكرم صلى الله عليه واله: - وأما في زيارة سيد الأولين والآخرين صلوات الله عليه وسلامه فكل ما ذكر يزيد عليه أضعافه أعني في الانكسار والذل والمسكنة، لأنه الشافع المشفع الذي لا ترد شفاعته، ولايخيب من قصده، ولا من نزل بساحته، ولا من استعان أو استغاث به، إذ أنه عليه الصلاة والسلام قطب دائرة الكمال إلى أن قال: فمن توسل به، أو استغاث به، أو طلب حوائجه منه، فلا يرد ولا يخيب لما شهدت به المعاينة والآثار، ويحتاج إلى الأدب الكلي في زيارته عليه الصلاة والسلام، وقد قال علماؤنا رحمة الله عليهم: إن الزائر يشعر نفسه بأنه واقف بين يديه عليه الصلاة والسلام كما هو في حياته، إذ لا فرق بين موته وحياته – أعني في مشاهدته لأمته ومعرفته بأحوالهم ونياتهم وعزائمهم وخواطرهم، ذلك عنده جلي لا خفاء فيه. ثم قال هذا الفقيه المالكي: فالتوسل به عليه الصلاة والسلام هو محل حط أحمال الأوزار، وأثقال الذنوب والخطايا، لأن بركة شفاعته عليه الصلاة والسلام وعظمها عند ربه لا يتعاظمها ذنب إذ أنها أعظم من الجميع، فليستبشر من زاره، وليلجأ إلى الله تعالى بشفاعة نبيه عليه الصلاة والسلام من لم يزره. "اللهم لا تحرمنا من شفاعته بحرمته عندك آمين رب العالمين"
ومن اعتقد خلاف هذا فهو المحروم، ألم يسمع قول الله عزوجل:"...وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ..." النساء 64
فمن جاءه ووقف ببابه وتوسل به وجد الله توابا رحيما، لأن الله منزه عن خلف الميعاد وقد وعد سبحانه وتعالى بالتوبة لمن جاءه ووقف ببابه وسأله واستغفر ربه، فهذا لا يشك فيه ولا يرتاب إلا جاحد للدين معاند لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، نعوذ بالله من الحرمان.
والى هنا ينتهي أيها الأخوة والأخوات لقاؤنا بكم ضمن هذه الحلقة من برنامج مزارات الموحدين قدمنا لكم من إذاعة طهران.نسألكم الدعاء والسلام عليكم.