هذا العالم المقدس هو اصالة من الحلة، من مواليد الحلة الفيحاء عام ۷۷٥ هجرية وشب على طلب العلم متنقلاً في البلاد البعيدة والغريبة وكان ناشراً لفضائل واحكام وافكار الأئمة وتعرض الى اذايا مختلفة، يجدر ان اذكر ان هناك عالم من علماء الامامية يشترك معه في الاسم تماماً لكن ذلك من الاحساء وربما اوقع بعض الكتاب في اضطراب وخلطوا بينه وبين هذا العالم المقدس والذي هو من مدينة الحلة في العراق.
المرحوم ابن فهد الحلي كان منبراً متجولاً، مدرسة متنقلة، من الذي اوصل الينا عقيدة أهل البيت ومحبة أهل البيت التي الان يقتلون بالجملة من أجلها، في الواقع جهود هؤلاء الأولياء خصوصاً مثلاً في ظرف القرن الثامن الهجري لا الوسائل مهيئة، اجواء الأمن معدومة، في اي عذاب واي معاناة ينتقل العالم من بلد الى بلد وفي ذلك العمر، احمد بن فهد الحلي عمره خمسة وثمانين سنة وهو يتنقل ويجول ويطوف ويخدم من أجل ان يصدق عليه معنى ان يكون جندياً لأهل البيت. المرحوم ابن فهد الحلي قبره مشهور في كربلاء قريب من الصحن الحسيني من طرف باب القبلة، وكان هذا العالم الجليل يسكن هناك لانه آثر جوار الحسين (عليه السلام) في اخريات حياته وجعل بيته مأوى للزوار، كان يفتح الباب ويطعم الزوار واوصى ان يدفن في منزلة مثل الشيخ الطوسي، مثل السيد بحر العلوم، واوقف بيته كمنزل الزوار، ذلك اليوم لا توجد فنادق ومكانات للزوار، كان الزوار اغلبهم يأتون راكبين على دواب او ربما مشاة على الأقدام، يصلون الى كربلاء خصوصاً في فصول الشتاء وفصل الخريف يريدون مأوى فكان بيته منزلاً لزوار الحسين، هنيئاً له هذا الرجل، والله يفخر الانسان ان يمسح عرق جبين زائر من زوار الحسين وهذا الرجل كان بيته مضيفاً لزوار الحسين (عليه السلام) وبعد تعاقب السنين تحول هذا البيت الى مسكن لطلبة العلوم الدينية ويذكر الشيخ حرز الدين اعلا الله مقامه في كتابه مراقد المعارف اننا زرنا هذه الدار عام ۱۳۲۹ فوجدنا البيت مكتظاً بطلبة العلم ولكن هذا البيت اخذ يميل للانهيار فتصدى المرحوم السيد محسن الحكيم رضوان الله تعالى عليه في الستينات وبناه بناءاً جديداً، البناء كان رائعاً وظهر على شكل مدرسة دينية في وسط هذه المدرسة قبر هذا العالم الجليل ابن فهد الحلي الذي هو من مواليد الحلة عام ۷۷٥ هجرية، ان هدام العراق وطاغيته وضمن حقده على مراقد اهل البيت وتراث اهل البيت هدم هذه المدرسة، هدم المدرسة بعنوان توسعة المنطقة كما هو الحال في المدينة المنورة، غابت كل آثار العلويين وآثار اهل البيت بأسم التوسعة، لكن بقي قبر ابن فهد موجود والى الآن موجود.
هذا العالم كان من خيرة المربين ومن ناشري فضائل أهل البيت وكان نتيجة تشدده في محبة أهل البيت، وجهوا له تهم بأنه صوفي، كل هذا كلام، اذكر بعض مؤلفاته، هذا العالم له مؤلفات مهمة في ذلك الظرف العصيب وان كانت لم تتجاوز الستة ولكن مهمة مثل عدة الداعي ونجاح الساعي، كتاب كفاية المحتاج في مسائل الحجاج، كتاب المهذب البارع وغيره، ويذكر عنه صاحب كتاب نفحات الهداية ان الشيخ احمد بن فهد كان رحمه الله مرشداً وهادياً للناس حتى ان عدداً كبيراً استبصر على يديه، كانوا على غير مذهب اهل البيت وانت تعرف اذا تتمكن ان تهديه، الامام امير المؤمنين يقول لان يهدي الله بكرامة رجلاً يا علي خير لك مما طلعت عليه الشمس والقمر، مجموعة كبيرة استبصروا على يده، اكثر من هذا حاكم المنطقة بسبب اخلاقه وسلوكه وعلمه مال الى التشيع وضرب السكة النقدية بأسماء الائمة الاثني عشر. هذا يذكره صاحب كتاب نفحات الهداية، كيف ان ايام المأمون ضربت السكة فيها اسماء الخمسة آل العباء، كيف ايام الدولة الحمدانية سيف الدولة ضرب السكة والنقد وعليها اسماء الخمسة آل العباء، صاحب هذا الكتاب المذكور يقول: منزل المرحوم ابن فهد كان بمقربة من محطة نزول الزوار خصوصاً من الجنوب او من النجف الاشرف فكان ينزل الزوار متعبين فيذكر احد العلماء من أهالي النجف الأشرف، هذا كان مواظباً ان يزور الشيخ أحمد بن فهد وبعد وفاته كان مواظباً ان يقف ويقرأ له الفاتحة، يقول استمريت لما كنت ازور الحسين اقرأ الفاتحة لاحمد بن فهد، في ليلة من الليالي رأيته في المنام برؤيا عجيبة كأني في بستان مليء بالاثمار، مكان رائع جميع ومجموعين فيه كبار الأولياء من السابقين ومن اللاحقين، الشيخ الصدوق، الشيخ المفيد، السيد المرتضي، صاحب الجواهر، العلامة الحلي، يقول هذا العالم استغربت لعدم وجود ابن فهد بينهم، كنت أتوقع أن يكون بينهم لأني أعرفه وأرى خدماته فأستفسرت عنه فقيل لي: أنه في روضة أغلى وأغنى، هل يوجد مكان أحسن من هذا، أخذوني الى هناك واذا بذلك المكان يكتظ بالانبياء والاوصياء والصديقيين كأبراهيم الخليل، النبي (صلى الله عليه وآله)، الزهراء فاطمة واذا أرى ابن فهد هناك، هذه كانت لي شبه حالة غريبة، سلمت عليه فرحب بي وقلت له: مولاي انا صديقك واتعهد قبرك بعد وفاتك واقرأ لك الفاتحة كل ما جئت لزيارة الحسين.
قال: نعم يصلني كل هذا.
قلت له: ما الذي جاء بك الى هنا وكيف صار مكانك هاها وانت المفروض ان تكون هناك.
قال لي: صحيح انا لم أتوقع أن يكون هنا ولكن لأقول لك هذا بحكم ما فعلته في الدنيا، أيها الأخوة الانسان يحصد ما يزرع.
قال: انا عندي اعمال كثيرة لكن عمل واحد عملته رفع درجتي عند الله الى هذا الموقع.
قال: في كل تصرفاتي واعمالي اتصرف كما يتصرف العبد المملوك لسيده وكلما اعمل في هذه النية وبهذا الدافع فاكتشفت ان الله رفع درجاتي، توفي المرحوم الشيخ احمد بن فهد الحلي عام ۸٤۱ هجرية في كربلاء المقدسة وروي الثرى في بيته حسب وصيته وحولت داره الى منزل لزوار الحسين وبعدها مدرسة.