بسم الله الرحمن الرحيم
سلامٌ من الله الرحمان الرحيم عليكم اخوتنا وأخواتنا وأهلاً بكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج نقضي فيه دقائق مع النصوص الشريفة التي تنير قلوبنا بمحبة اخلاق الصالحين الذين يحبهم الله ورسوله –صلى الله عليه وآله-.
في هذا اللقاء نستهدي معاً بطائفة أخرى من النصوص المباركة التي تعيننا على التحلي بخلق (التحرر من أسر الدنيا)، فنبدأ بالتدبر في قول الله جل جلاله وهو أصدق القائلين في الآية الرابعة والعشرين من سورة يونس:
"إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"
صدق الله العلي العظيم، اذن فالحياة الدنيا دار زوال لا يقدر الانسان على الأخذ منها أكثر مما يحتاجه للعمل فيها فلماذا يحرص على ما هو زائل وما لا يستطيع ان يحمله الى حياته الأخروية الدائمة؟
أيها الاطائب وتهدينا الاحاديث الشريفة الى ان حب الدنيا رأس كل خطيئة لانه يحجب الانسان عن محبة الله عزوجل التي هي مفتاح كل خير وقلب الإنسان لا يتحمل اكثر من حب واحد "وما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه"؛ روي في الكافي عن مولانا الامام الصادق –عليه السلام- قال:
"اذا تخلى المؤمن من الدنيا سما ووجد حلاوة حب الله وكان عند اهل الدنيا كانه قد خولط وانما خالط القوم حلاوة حب الله فلم يشتغلوا بغيره".
اذن فالتحلي بخلق التحرر من أسر الدنيا وحبها مفتاح الفوز بمحبة الله التي تفتح قلب الانسان على الطاعات وبلوغ الخيرات والبركات العلمية والعملية والسلامة والنجاة من اشكال البليات، قال الصادق –عليه السلام-:
"من زهد في الدنيا أثبت الله الحكمة في قلبه وأنطق به لسانه وبصره عيوب الدنيا داءها ودواءها وأخرجه من الدنيا سالماً الى دارالسلام"
ايها الاكارم، ومن بركات التحلي بخلق التحرر من أسر الدنيا الفوز بخير الدنيا نفسها وخير الآخرة أيضاً، فهو ينتفع من نعم الدنيا دون أن يصبح عبداً لها يجمع ما لا يحتاج ويهلكه الحرص عليها، روي في الكافي عن ناشر السنة المحمدية الامام جعفر الصادق – عليه السلام- قال:
"اذا أراد الله بعبد خيراً زهده في الدنيا وفقهه في الدين وبصره عيوبها –أي الدنيا- ومن أوتيهن فقد أوتي خير الدنيا والآخرة، ولم يطلب احدٌ الحق بباب أفضل من الزهد في الدنيا"
وللمتحلي بهذا الخلق النبيل أجر الاقتداء والتأسي برسول الله وهو –صلى الله عليه وآله- سيد العارفين بحقيقة الدنيا فقد روي عنه في الكافي أنه قال:
"مالي والدنيا وما أنا والدنيا انما مثلي ومثلها كمثل راكب رفعت له شجرة في يوم صائف فقال –أي استراح- تحتها ثم راح وتركها"
ونختم اللقاء بالحديث القدسي التالي وفيه أعظم الحث على التحلي بخلق التحرر من أسر الدنيا، وقد رواه الصدوق في كتاب الأمالي عن رسول الله –صلى الله عليه وآله- قال:
"ان الله جل جلاله أوحى الى الدنيا أن أتعبي من خدمك وأخدمي من رفضك".
تقبلوا منا أيها الاكارم جزيل الشكر على كرم الاستماع لحلقة اليوم من برنامجكم معالي الأخلاق دمتم بأطيب الأوقات.