بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم مستمعينا الأطائب طابت اوقاتكم برحمة الله وبركاته وبكل ما تحبون وبأفضل مما تأملون... معكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج نخصصها للاستنارة بطائفة أخرى من النصوص الشريفة التي تعرفنا ببركات خلق (غنى النفس) والاستغناء عما في أيدي الناس، وقد تعرفنا في حلقة سابقة الى عظيم بركاته في ترسيخ التوحيد الخالص واعزاز الانسان بلطف ربه الجليل، ونتابع في هذا اللقاء ترسيخ محبة هذا الخلق في قلوبنا بالاستضاءة بأنوار النصوص الشريفة فكونوا معنا:
نقرأ أولاً في تفسير علي بن ابراهيم –رضوان الله عليه- ما رواه عن الامام جعفر الصادق –عليه السلام- قال:
"لما نزلت هذه الآية "لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ"، قال رسول الله –صلى الله عليه وآله-:
من لم يعز بعزاء الله [أي لم يثق بالغنى منه عزوجل] تقطعت نفسه على الدنيا حسرات، ومن رمى ببصره الى ما في أيدي غيره كثر همه ولم يشف غيضه، ومن لم يعلم أن لله عليه نعمة إلا في مطعم أو ملبس فقد قصر عمله ودنا عذابه ومن أصبح على الدنيا حزيناً أصبح على الله ساخطاً..."
وفي هذا الحديث يهدينا حبيبنا الهادي المختار –صلوات ربي عليه وآله الاطهار- الى الحالات الاخلاقية الذميمة وأشكال الأذى التي ينجو المؤمن منها ببركة التخلق بخلق غنى الناس ولذلك نجده –صلى الله عليه وآله- يصف غنى النفس بانه افضل الغنى كما ورد في حديث أخر رواه عنه الشيخ الصدوق في كتاب الامالي عنه –صلى الله عليه وآله- انه قال:
"خير الغنى غنى النفس"
وفي أمالي الصدوق أيضاً نقرأ حديثاً لناشر السنة المحمدية مولانا الامام جعفر الصادق –عليه السلام- يبين امهات البركات التي يحصل عليها المتحلي بخلق غنى النفس حيث يقول:
"ثلاث هن فخر المؤمن وزينه في الدنيا والآخرة: الصلاة في آخر الليل، ويأسه مما في أيدي الناس، وولاية الامام من آل محمد –صلى الله عليه وآله".
كما أن خلق غنى النفس هو وسيلة المؤمن للفوز باستجابة الدعاء والحصول على الفيض الالهي اللامتناهي، فقد روى الشيخ الطوسي في كتاب (الأمالي) بسنده عن الامام الصادق –عليه السلام- قال:
"اذا أراد احدكم ان لا يسأل الله شيئاً الا اعطاه، فلييأس من الناس كلهم ولا يكون له رجاءٌ الا من عند الله عزوجل، فاذا علم الله عزوجل ذلك من قلبه لم يسأل الله شيئاً الا اعطاه".
وروي في الخصال ان رجلاً جاء الى النبي –صلى الله عليه وآله- وقال:
علمني شيئاً اذا انا فعلته احبني الله من السماء واحبني الناس من الارض، فقال –صلى الله عليه وآله-:
ارغب فيما عندالله يحبك الله وازهد فيما عندالناس يحبك الناس.
وروي في كتاب فقه الرضا –عليه السلام- أن رجلاً أتى النبي –صلى الله عليه وآله- ليسأله [ان يعطيه مالاً] فسمعه يقول قبل ان يسأله:
من سألنا اعطيناه ومن استغنى اغناه الله.
فانصرف الرجل ولم يسأله، ثم عاد اليه فسمع مثل مقالته فلم يسأله حتى فعل ذلك ثلاثاً، فلما كان في اليوم الثالث مضى واستعار فأساً وصعد الجبل فاحتطب [اي جمع الحطب] وحمله الى السوق فباعه بنصف صاع من شعير فاكله هو وعياله، ثم ادام على ذلك حتى جمع ما اشترى به فأساً ثم اشترى بكرين [يعني من الجمال] وغلاماً وأيسر [أي صار غنياً موسراً] فصار الى النبي –صلى الله عليه وآله- فأخبره بالامر، فقال –صلى الله عليه وآله-:
"اليس قد قلنا من سأل اعطيناه ومن استغنى اغناه الله!"
وبهذا ننهى ايها الاكارم حلقة اليوم من برنامج معالي الاخلاق، نشكر لكم كرم المتابعة وفي أمان الله.