بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم مستيمعنا الاكارم ورحمة الله، تحية مباركة طيبة نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج نتعرف فيه الى خلق كريم آخر من معالي الأخلاق التي تضمن للانسان سعادة الدنيا والآخرة، انه خلق (التدبر في عواقب الامور) ومعناه ان يتفكر الانسان في عاقبة كل عمل يريد فعله او كل امر يريد ان يدخل فيه، فان كان الخير فيه فعله والا اجتنبه لكي ينجو من تبعاته السيئة فلا يفعل ما تحمد عقباه.
وهذا الخلق الكريم هو ضد خلق العجلة غير المحموده والتسرع؛ روى الشيخ ابو جعفر البرقي رضوان الله عليه في كتاب (المحاسن) بسنده عن الامام الباقر –عليه السلام- قال:
"أتى رجلٌ رسول الله –صلى الله عليه وآله- فقال: علمني يا رسول الله، قال: عليك باليأس مما في ايدي الناس فانه الغنى الحاضر، قال: زدني يا رسول الله، قال –صلى الله عليه وآله-: اياك والطمع فانه الفقر الحاضر، قال: زدني يا رسول الله، قال –صلى الله عليه وآله-: اذا هممت بامر فتدبر عاقبته فان يك خيراً ورشداً فاتبعه، وان يك غياً فاجتنبه".
ونتلمس ايها الاطائب اهمية التحلي بهذا الخلق في شدة تاكيده نبي الرحمة –صلى الله عليه وآله- على العمل به كما يتضح من تكراره ثلاثاً لالتزام من طلب ان يوصيه بذلك، فقد روى ثقة الاسلام الكليني في كتاب الكافي بسنده عن الامام جعفر الصادق -صلوات الله عليه- قال:
"ان رجلاً اتى النبي –صلى الله عليه وآله- فقال له: يا رسول الله اوصني، فقال له: فهل انت مستوص ان انا اوصيتك؟ حتى قال له ذلك ثلاثاً وفي كلها يقول الرجل: نعم يا رسول الله، فقال له رسول الله –صلى الله عليه وآله-: فاني اوصيك اذا انت هممت بامر فتدبر عاقبته فان يك رشداً فامضه وان يك غيّاً فانته عنه".
والتحلي بهذا الخلق ضمانة للقلب من التشتت والاضطراب وهو من علامات الحزم، فقد روى الشيخ الحسن بن محمد الطوسي في كتاب الامالي بسنده عن الامام الصادق –عليه السلام- قال:
"ليس لحاقن وأي، ولا لملول صديق، ولا لحسود غنى، وليس بحازم من لا ينظر في العواقب، والنظر في العواقب تلقيح للقلوب".
والتحلي بخلق التدبر في عواقب الامور يقي الانسان الاذى والندم وكل ما يكرهه، كما يشير لذلك مولانا امير المؤمنين –عليه السلام- في وصيته لولده محمد بن الحنفية المروية في كتاب (من لا يحضره الفقيه)، حيث قال:
"من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطأ، ومن تورط في الامور غير ناظر في العواقب فقد تعرض لمفظعات النوائب، والتدبر قبل العمل يؤمنك الندم، والعاقل من وعظه التجارب".
وروي في كتاب نهج البلاغة عنه –عليه السلام- في قصار حكمه قوله: "لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الاحمق وراء لسانه".
ومعناه ان العاقل لا يتفوه بقول الا بعد ان يعرضه على قلبه ويتفكر فيه فاذا كان صحيحاً مفيداً قاله والا التزم الصمت، اما الاحمق فلسانه امام قلبه اي يتسرع في قوله ويتفوه به دون تفكر فيحظا ويتحمل تبعات الخطأ فيندم اعاذنا الله واياكم من ذلك ببركة العمل بوصايا اهل بيت الرحمة الالهية محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم اجمعين.
شكراً لكم ايها الاطائب على طيب الاستماع لحلقة اليوم من برنامجكم معالي الاخلاق دمتم بكل خير وفي امان الله.