بسم الله الرحمن الرحيم
سلام من الله عليكم ايها الاطائب، اطيب تحية ملؤها الرحمة من الله والبركات نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج نعطر ارواحنا بطيب طائفة من النصوص الشريفة التي تبين فضيلة احد معالي الاخلاق هو خلق (الترفع عن طلب المكافاة من الخلق على العطاء).
وهو من اخلاق اهل بيت الرحمة –عليهم السلام- والتي خلد القرآن الكريم ذكرها في سورة الدهر ضمن ثنائه عليهم وهو يشير الى قصة وفائهم بالنذر الذي نذروه لشفاء الحسنين، فقد جاء في الآيات ۷ الى ۹ من هذه السورة: "يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً{۷} وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً{۸} إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً{۹}"
وواضحٌ من هذه الآيات الكريمة ان عدم طلب الجزاء والشكر من الخلق على العطاء مهما بلغ هو من وسائل تقوية الاخلاص لله في الاعمال ومن جهة ثانية الامن من فزع واهوال يوم القيامة اجارنا الله واياكم منها.
مستمعينا الافاضل، ونقرأ لكم من تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي –رضوان الله عليه- المقطع التالي من حديث لمولانا الامام جعفر الصادق –عليه السلام- في بيان بعض ابعاد التحلي بهذا الخلق النبيل حيث يقول –عليه السلام-:
"ويطعمون الطعام على حبه، يقول على شهوتهم للطعام وايثارهم له مسكيناً من مساكين المسلمين ويتيماً من يتامى المسلمين واسيراً من اسارى المشركين ويقولون اذا اطعموهم "إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً" قال –عليه السلام-: والله ما قالوا هذا لهم ولكنهم اضمروه في انفسهم فاخبر الله باضمارهم يقولون: لا نريد جزاءً تكافئوننا به ولا شكوراً تثنون علينا به، ولكنا انما اطعمناكم لوجه الله وطلب ثوابه".
وفي هذا النص اشارة لطيفة الى ان التحلي بخلق عدم طلب المكافاة من الناس على العطاء لا يعني اخبارهم بذلك، اذ ان ما ذكرته الآية الكريمة هو لسان حالهم –عليهم السلام- وليس لسان مقالهم، والهدف من ذكر لسان حالهم هو ترغيب المؤمنين بالتحلي بهذا الخلق وتنبيههم الى ان ما ينبغي لهم هو ان يكون عطاؤهم بنية طلب مرضاة الله عزوجل وليس شكر الناس والمكافاة منهم.
ايها الاطائب، ويستفاد من الاحاديث الشريفة الى ان التحلي بهذا الخلق النبيل هو زينة معنوية للانسان المؤمن، فقد روي في كتاب الامالي للشيخ الصدوق عن الامام جعفر الصادق –عليه السلام- انه احد اصحابه ساله: اي الخصال بالمرء اجمل؟ فاجاب –عليه السلام-:
"وقارٌ بلا مهابة [اي بلا ارعاب] وسماح [اي عطاء] بلا طلب مكافاة وتشاغلٌ بغير متاع الدنيا".
وبهذا الحديث النوراني ننهي ايها الاطائب حلقة اليوم من برنامج معالي الاخلاق نشكر لكم طيب الاستماع ودمتم في رعاية الله.