بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم مستمعينا الأطائب ورحمة الله، طابت اوقاتكم بكل ما يحبه الله لكم ويرضاه، واهلاً بكم في لقاء اليوم مع معالي الاخلاق، ننور قلوبنا فيه بطائفة من النصوص الشريفة التي تحث على خلق (التفكر والاعتبار).
ومعنى هذا الخلق هو ان تكون من سجية الانسان السعي للحصول على الاستفادات التربوية العملية من كل ما يسمع ويرى، وأن يهتم بالتفكر في الامورالتي ترسخ في قلبه العقائد السليمة والمواعظ الحسنة لكي تعينه على ترغيب نفسه في العمل الصالح واجتناب السيئآت.
وقد حثت كثيرٌ من الآيات الكريمة بصورة مباشرة وغير مباشرة على التحلي بهذا الخلق الكريم، نكتفي بالتبرك بتلاوة الآيتين ۱۹۰و۱۹۱ من سورة آل عمران حيث يصف الله عزوجل عباده الصالحين بقوله:
"إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ"
وتصرح الاحاديث الشريفة بان التفكر اذا اقترن بالاعتبار كان له عظيم الاثر في تزيكة النفس وباكثر مما توجده العبادة المالوفة، فمثلاً روي في كتاب المحاسن مسنداً عن الامام الصادق –عليه السلام- عن النبي الاكرم –صلى الله عليه وآله- انه قال:
"تفكر ساعة خيرٌ من قيام ليلة"
فسأله الراوي: كيف يتفكر؟
فقال –عليه السلام-: "يمر بالخربة او الدار فيقول: اين بانوك؟ اين ساكنوك؟ مالك لا تتكلمين".
وهذا نموذج للعمل بخلق التفكر والاعتبار، يمكن الاستعانة به للتفكر في جميع الشؤون الاخرى، فقد روى الشيخ الصدوق في كتاب الامالي ان هارون العباسي كتب الى الامام ابي الحسن موسى بن جعفر –عليهما السلام- يقول: عظني واوجز، فكتب –عليه السلام- في جوابه:
"ما من شيء تراه عينك الا وفيه موعظة".
كما تعرفنا الاحاديث الشريفة ان التحلي بهذا الخلق الكريم من الوسائل العملية لحفظ حياة القلب، فقد روى الشيخ الكليني في كتاب الكافي عن الصادق –عليه السلام- قال:
"كان امير المؤمنين –عليه السلام- يقول: نبه بالفكر قلبك، وجاف عن الليل جنبك [اي خصص جزءً من الليل للعبادة] واتق الله ربك".
ولذلك كان التفكر من افضل مصاديق العبادة، ففي كتاب الكافي عن امامنا الرضا –عليه السلام- قال:
"ليس العبادة كثرة الصيام والصلاة، وانما العبادة الفكر في امر الله عزوجل" وفي الكافي عن الصادق –عليه السلام- قال:
"افضل العبادة ادمان التفكر في الله وفي قدرته"
وقال ايضاً "التفكر يدعو الى البر والعمل به"
وقال ايضاً "كان اكثر عبادة ابي ذر التفكر والاعتبار"
وختاماً تقبلوا منا جزيل الشكر على طيب الاستماع لحلقة اليوم من برنامجكم معالي الاخلاق، دمتم بكل خير.