بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم مستمعينا الأطائب، أطيب تحية مفعمة بالرحمة والبركات، نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج، ساعين بهذه التحية الهدية للتخلق بالخلق الكريم الذي نتناوله في هذه الدقائق وهو خلق (التهادي) وقد حثت عليه كثيرٌ من الأحاديث الشريفة مبينة أنه من الأخلاق التي يحبها الله ورسوله لأنها تعزز المحبة والموالاة بين المسلمين وتؤلف القلوب وتزيل الضغائن، ففي الكافي مسنداً عن حبيبنا رسول الله –صلى الله عليه وآله- أنه قال: "تهادوا تحابوا، تهادوا فإنها تذهب بالضغائن"
وعن إمامنا أمير المؤمنين –عليه السلام- قال:
"لأن أهدي لأخي المسلم هدية تنفعه أحب إلي من أن أتصدق بمثلها"
وفيه أيضاً عن مولانا الإمام الصادق –عليه السلام- قال:
"من تكرمة الرجل لأخيه المسلم أن يقبل تحفته –أي هديته- ويتحفه بما عنده ولا يتكلف له شيئا".
أيها الأطائب، واضحٌ من الأحاديث الشريفة أن للتخلق بخلق إهداء الهدية للآخرين أثراً في تقوية الأواصر الإجتماعية والعلاقات الودية، مهما كانت الهدية بسيطة ومتواضعة ولو كانت (نبقاً) أي ثمرة شجرة السدر، فقد قال رسول الله –صلى الله عليه وآله- كما في الكافي:
"تهادوا بالنبق تحيى المودة والموالاة".
وعن مولانا الإمام الباقر –عليه السلام- قال: "كان رسول الله –صلى الله عليه وآله- يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة ويقول:
تهادوا فإن الهدية تسل السخائم وتجلي ضغائن العداوة والأحقاد"
كما أن التحلي بهذا الخلق الكريم من أسباب نزول البركات السماوية والأعراض عنه من أسباب الإبتلاء بالقحط، وهذا ما يشير الحديث الشريف المروي في كتاب (عيون أخبار الرضا) عنه –عليه السلام- عن آبائه عن رسول الله –صلى الله عليه وآله- قال:
"لا تزال أمتي بخير ما تحابّوا وتهادوا وأدّوا الأمانة وإجتنبوا الحرام وقروا الضيف –أي أكرموه- وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة، فاذا لم يفعلوا ذلك إتلوا بالقحط والسنين" أي بالجدب وقلة الأمطار.
مستمعينا الأكارم، وأفضل الهدية ما كانت خالصة لله عزوجل فقد روي في كتاب الخصال عن رسول الله –صلى الله عليه وآله- قال:
"الهدية على ثلاث وجوه: هدية مكافأة، وهدية مصانعة –أي لدفع الشر- وهدية لله عزوجل".
ومن مصاديق الإخلاص لله في التحلي بهذا الخلق الإهداء لمن لا يهدي لك شيئاً أي تهدي لمن لا ترجو أن يقابل هديتك بمثلها، روي في كتاب من لا يحضره الفقيه عن إمامنا علي المرتضى –عليه السلام- قال:
"عد من لا يعودك، وإهد الى من لا يهدي إليك".
وتتأكد الهدية لمن كان في حاجة اليها، فتهدى له تكرمة تقضى بها حاجته دون أن يتحمل ذل أخذ الصدقة، روي في الخصال عن مولانا الإمام الصادق –عليه السلام- قال:
"نعم الشي الهدية أمام الحاجة".
ومسك الختام أيها الأخوة والأخوات الإشارة الى أن من مصاديق التحلي بخلق التهادي، هو أداء الأعمال المستحبة والنوافل، فهي بمثابة الهدية التي يقدمها العبد لربه الجليل جل وعلا، روي في كتاب تهذيب الأحكام عن إمامنا الصادق –عليه السلام- قال:
"صلاة التطوع بمنزلة الهدية متى ما أوتي بها قبلت، فقدم منها ما شئت..."
شكراً لكم أيها الأطائب على طيب الإستماع لحلقة اليوم من برنامجكم معالي الأخلاق لكم منا خالص الدعوات ودمتم بألف خير.