بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم مستمعينا الأفاضل ورحمة الله، أطيب تحية نحييكم بها في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج نستنضيء فيه بطائفة من النصوص الشريفة المبينة لفضيلة وبركات أحد معالي الأخلاق التي يحبها الله عزوجل لعباده، وهو خلق التعفف عن الطلب والسؤال من الناس والتوجه الى الله عزوجل بالمسألة والدعاء، وقد ندب إليه تبارك وتعالى في قرآنه الكريم حيث قال في الآية ۲۷۳ من سورة البقرة:
"لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ"
قال العلامة الطبرسي في مجمع البيان: وفي الحديث الشريف:
"إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده ويكره البؤس والتبؤس ويحب الحليم المتعفف من عباده ويبغض الفاحش البذيء السائل الملحف".
ويصرح الحبيب المصطفى –صلى الله عليه وآله- بأن الله عزوجل كره لعباده أن يسألوا الناس وأحبّ ذلك لنفسه أي أحب لعباده أن يسألوه إعزازاً لهم، فقد روي في الكافي عنه –صلى الله عليه وآله- أنه قال:
"إن الله تبارك وتعالى أحب شيئاً لنفسه وأبغضه لخلقه، أبغض لخلقه المسأله وأحب لنفسه أن يسأل، وليس شيء أحب الى الله عزوجل من أن يسأل فلا يستحي أحدكم أن يسأل الله من فضله ولو شسع نعل" والتعفف عن سؤال الناس هو مظهر عزة المؤمن بالله عزوجل، كما يشير لذلك قول مولانا الصادق –عليه السلام- المروي في الكافي أنه قال: "إياكم وسؤال الناس فإنه ذلٌ في الدنيا وفقر تعجلونه وحساب طويل يوم القيامة"
وفي الكافي أيضاً عن مولانا الباقر –عليه السلام- قال:
"لو يعلم الناس ما في المسألة ما سأل أحدٌ أحدا ولو يعلم المعطي في العطية ما ردّ أحدٌ أحدا".
والله تبارك وتعالى يحب للمؤمن أن يتخلق بخلق الله عزوجل فتكون له اليد العليا، بأن يكون من أهل العطاء والبذل للناس لا من أهل السؤال والطلب منهم، ففي الكافي عن الحبيب المصطفى –صلى الله عليه وآله- قال:
"الأيدي ثلاث: يد الله العليا، ويد المعطي التي تليها ويد المعطى أسف الأيدي، فأستعفوا عن السؤال ما إستطعتم"
ثم بين –صلى الله عليه وآله- أن التعفف من حياء المؤمن الذي يحبه في حين أن السؤال من الناس هتك لهذا الحياء وهو لا يغني الإنسان شيئاً لأن الرزق الذي قدره الله تبارك وتعالى يصله في كلا الحالين، قال –صلى الله عليه وآله- في تتمة الحديث المتقدم:
"إن الأرزاق دونها حجبٌ، فمن شاء قنى حياءه وأخذ رزقه –أي حفظه بالتعفف عن مسألة الناس فيصله رزقه على كل حال-، ومن شاء هتك الحجاب- يعني حجاب الحياء بسؤال الناس- وأخذ رزقه"
ثم دعى –صلى الله عليه وآله- الى الأخذ بفضل التعفف عن سؤال الناس ولو لقى الله بعض المشاق متوكلاً على فضل الله، فقال في تتمة حديثه: "والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبلاً ثم يدخل عرض هذا الوادي فيحتطب –أي يجمع الحطب –ثم يدخل السوق فيبيعه بمد من تمر ويأخذ ثلثه ويتصدق بثلثيه خيرٌ له من أن يسأل الناس أعطوه أو حرموه".
وبهذا ننهي أيها الأطائب لقاء اليوم من برنامجكم معالي الأخلاق شكراً لكم وفي أمان الله.