بسم الله الرحمن الرحيم
سلامٌ من الله عليكم أيها الأخوة والأخوات ورحمة الله وبركاته، أزكى تحية نهديها لكم ونحن نلتقيكم بلطف الله في حلقة أخرى من هذا البرنامج نقضي فيه دقائق مع النصوص الشريفة المبينة لفضيلة التحلي بخلق آخر من معالي الأخلاق التي يحبها الله لعباده، وهو خلق السعي في الاصلاح بين المؤمنين، تابعونا على بركة الله تبارك وتعالى.
أيها الأطائب، في حلقة سابقة من هذا البرنامج تعرفنا على جملة من النصوص الشريفة القرآنية والحديثية التي تحث على التخلق بخلق الإصلاح بين الناس عموماً والتقريب بينهم، وفي هذا اللقاء ننقل لكم طائفة من النصوص الشريفة التي تؤكد على التحلي بخلق الإصلاح بين المؤمنين خاصة؛ فنقرأ أولاً الآية العاشرة من سورة الحجرات حيث يقول الله تبارك وتعالى: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ"
وكما تلاحظون أيها الأفاضل فإن ذيل هذه الآية الكريمة يشير الى أن التحلي بهذا الخلق من أسباب الفوز بالرحمة الإلهية.
وفي سورة الحجرات نفسها نلتقي في الآية التاسعة من سورة الحجرات بأمرين إلهيين مؤكدين للتحلي بهذا الخلق في حالات التنازع إذا وقعت في المجتمع الاسلامي، قال الله عزوجل:
"وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ".
مستمعينا الأطائب، وفي سورة الحجرات نفسها نلاحظ شدة الإهتمام الرباني بالأصلاح بين المؤمنين، من خلال تأكيداته على إجتناب كل ما يؤدي الى إثارة البغضاء والقطيعة بينهم، نظير الآداب الاجتماعية التي بينتها الآيتان ۱۱ و۱۲ من هذه السورة المباركة حيث يقول جل جلاله:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ{۱۱} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ{۱۲}"
أيها الأطائب، وتبين لنا الأحاديث الشريفة أن للتحلي بهذا الخلق النبيل أجراً عظيماً فهو يفوق جميع العبادات المستحبة كالصلاة النافلة والصيام المندوب، ففي كتاب أمالي الطوسي عن الحبيب المصطفى –صلى الله عليه وآله- أنه قال:
"إصلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصوم".
والتحلي به إقتداءٌ بأهل بيت النبوة –عليهم السلام-،
فقد روي في الكافي عن المفضل بن عمرو أن الإمام الصادق –عليه السلام- قال له: "إذا رأيت بين إثنين من شيعتنا منازعة فإفتدها من مالي"
يعني لكي يصطلحا، وفي الكافي أيضاً عن سابق الحاج قال: مرّ بنا المفضل بن عمرو وأنا وختني –يعني صهره نتشاجر في ميراث، فوقف علينا ساعة ثم قال لنا: تعالوا إلى المنزل فأتيناه فأصلح بينا بأربعمائة درهم فدفعها إلينا من عنده، حتى إذا إستوثق كل واحد منا من صاحبه قال:
أما إنها ليست من مالي ولكن أبو عبدالله الصادق –عليه السلام- أمرني إذا تنازع رجلان من أصحابنا في شيء أن أصلح بينهما وأفتديهما من ماله فهذا من مال أبي عبدالله –عليه السلام-.
وبهذا نختم لقاء اليوم من برنامجكم معالي الأخلاق شكراً لكم وفي أمان الله.