بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم أيها الأطائب ورحمة الله وبركاته، تحية مباركة طيبة نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرامج نستنير فيها بطائفة من النصوص الشريفة المبينة لأحد أكرم الأخلاق التي يحبها الله عزوجل لعباده وهو خلق (الإصلاح بين الناس)، أي السعي لأزاله البغضاء والقطيعة بينهم:
وقد حث الله عزوجل عباده علي التحلي بهذا الخلق الكريم في آيات عدة من كتابه، مبيناً أنه من وسائل إبتغاء مرضاة الله والفوز بالإجر العظيم، قال عزوجل في الآية ۱۱٤ من سورة النساء:
"لاخير في كثير من نجواهم الا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك إبتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيما".
وتصرح الأحاديث الشريفة أن التحلي بخلق السعي في الإصلاح بين الناس هو من أفضل الأعمال بعد إقامة الفرائض، وهذا ما يهدينا إليه حبيبنا الهادي المختار –صلى الله عليه وآله الأطهار-، فقد روى الشيخ الطوسي رضوان الله عليه في كتاب (الأمالي) بسنده عن الإمام الصادق عن آبائه عن رسول الله –صلى الله عليه وآله- قال:
"ما عمل إمرءٌ عملاً بعد إقامة الفرائض خيراً من إصلاح بين الناس، يقول خيراً وينمي خيراً".
وفي قوله –صلى الله عليه وآله- "يقول خيراً وينمي خيراً" يشير الى مباركة الله عزوجل لعمل المصلح بين الناس فينمو عمله الخير، ويشيع المودة والمحبة بين الناس.
كما أن السعي في الإصلاح هو من الصدقات المعنوية التي يحبها الله تبارك وتعالى وفي ذلك إشارة الى أن آثارها أعظم من الصدقات المادية المعروفة، وهذا ما يشير إليه مولانا الإمام الصادق –عليه السلام- في الحديث الذي رواه عنه الشيخ المفيد –رضوان الله عليه- أنه قال:
"صدقة يحبها الله، إصلاحٌ بين الناس إذا تفاسدوا، وتقريب بينهم إذا تباعدوا".
أيها الأخوة والأخوات، والتحلي بهذا الخلق من علائم التقوى كما تشير لذلك الآية الأولى من سورة الإنفال حيث يقول عزوجل:
"فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ"
وهو من المصاديق السامية للشفاعة التي أمر بها الله عزوجل في حين أن الشفاعة والسعي في إثارة الفرقة بين الناس مما يبغضه الله عزوجل كما يشير لذلك قوله تبارك وتعالى في الآية ۸٥ من سورة النساء:
"مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً"
وهذه الشفاعة والسعي في الإصلاح بين الناس هي من أفضل مصاديق الصدقة، ففي كتاب (عدة الداعي) عن رسول الله –صلى الله عليه وآله- قال: "أفضل الصدقة صدقة اللسان،
فقيل: يا رسول الله، وما صدقة اللسان؟
قال: الشفاعة تفك بها الأسير، وتحقن بها الدم، وتجربها المعروف الى أخيك وتدفع بها الكريهة" يعني البغضاء والقطيعة بين الناس.
وفقنا الله وإياكم أيها الأطائب الى مزيد التوفيق في التحلي بهذا الخلق النبيل والسعي والشفاعة المحمودة في الإصلاح بين الناس إنه سميع مجيب
شكراً لكم على جميل الإصغاء لحلقة اليوم من برنامجكم معالي الأخلاق دمتم بألف خير وفي أمان الله.