بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم أيها الأكارم ورحمة الله، تحية مباركة طيبة نهديها لكم ونحن لكم شاكرين إختياركم الإستماع لحلقة اليوم من هذا البرنامج، وموضوعنا فيها هو خلق (صلة الرحم) وهو من زواكي الأخلاق التي يوصي بها الله عزوجل ويحب المتخلقين بها كما يبشرنا بذلك سيد البشير النذير صلى الله عليه وآله أهل آية التطهير، فقد روي في كتابي (صحيفة الرضا) و(عيون أخبار الرضا عليه السلام) مسنداً عن رسول الله –صلى الله عليه وآله- قال:
"من ضمن لي واحدة ضمنت له أربعة، يصل رحمه فيحبه الله تعالى ويوسع عليه رزقه ويزيد في عمره ويدخله الجنة التي وعده".
كما أن التحلي بهذا الخلق النبيل سببٌ للفوز برضا أهل بيت النبوة والرحمة المحمدية وفي رضاهم –عليهم السلام- رضا الله جل جلاله، فقد روى الشيخ الطوسي في كتاب الأمالي، بسنده عن العبد الصالح داود الرقي قال:
كنت جالساً عند أبي عبدالله {الإمام الصادق} عليه السلام إذ قال مبتدئاً من قبل نفسه:
"يا داود لقد عرضت علي أعمالكم يوم الخميس فرأيت فيما عرض علي من عملك صلتك لابن عمك فلان، فسرني ذلك، إني علمت أن صلتك له أسرع لفناء عمره وقطع أجله".
قال داود الرقي: وكان لي ابن عم معانداً خبيثاً بلغني عنه وعن عياله سوء حال فصككت له نفقة "يعني بعثت له سراً مساعدة" قبل خروجي الى مكة، فلما صرت بالمدينة خبرني ابو عبدالله عليه السلام بذلك.
والتخلق بهذا الخلق هو إقتداءٌ بآل صاحب الخلق العظيم المصطفى محمد –صلى الله عليه وآله- ، فهم الذين جسدوا أزكى مصاديق العمل بالوصية الإلهية بصلة الرحم، فمثلاً روي الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة بسنده عن سالمة مولاة الإمام الصادق –عليه السلام- قال:
كنت عند أبي عبدالله جعفربن محمد عليه السلام حين حضرته الوفاة وأغمي عليه، فلما أفاق قال:
أعطوا الحسن بن علي –وهو الملقب بالافطس- سبعين ديناراً، وأعطوا فلاناً كذا وفلانا كذا.
وكان الأفطس يسيء للإمام الصادق وقد سعى لإغتياله مرة، ولذلك إستغربت موالاة الإمام –عليه السلام- تأكيده على مساعدته فقالت:
أتعطي رجلاً حمل عليك بالشفرة يريد ان يقتلك؟ فقال –عليه السلام-: "أتريدون أن لا أكون من الذين قال الله عزوجل {عنهم} "وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ"؟! نعم يا سالمة إن الله خلق الجنة فطيبها وطيب ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة ألفي عام فلا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم."
ومن عظيم الآثار التكوينية لصلة الرحم ما يشمل المجتمع برمته المؤمنين وغيرهم، فقد روي عن رسول الله –صلى الله عليه وآله- كما في بحار الأنوار أنه قال: "صلة الرحم تعمر الديار وتزيد في الأعمار وإن كان أهلها غير أخيار".
كما أن التحلي بهذا الخلق الكريم سببٌ للمغفرة وحسن العاقبة كما يبشرنا بذلك الحبيب المصطفى –صلى الله عليه وآله- حيث قال:
"صلة الرحم تهوّن الحساب وتقي ميتة السوء".
أيها الأخوات والأخوة وفي النصوص الشريفة كثيرٌ من البيانات لعظيم بركات التحلي بهذا الخلق النبيل نوكل الحديث عنها الى لقاءات مقبلة من برنامجكم معالي الأخلاق شكراً لكم وفي أمان الله.