بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم أيها الأكارم ورحمة الله وبركاته، أطيب تحية نحييكم بها في مستهل لقاء اليوم من هذا البرنامج نتابع فيه الإستنارة بطائفة أخرى من النصوص الشريفة المبينة لبركات التحلي بخلق الأحسان بالوالدين وبرهما، وهو من معالي الأخلاق التي أوصانا الله بها.
ومن عظيم بركاته أن يبلغ بالإنسان الى أقرب مراتب القرب الإلهي كما يهدينا لذلك مولانا الإمام جعفر الصادق في الحديث الذي أسنده إليه الشيخ الصدوق في كتاب الأمالي أنه قال:
"بينا موسى بن عمران يناجي ربه عزوجل إذ رأى رجلاً تحت ظل عرش الله فقال: يا رب من هذا الذي أظله عرشك؟ فقال تبارك وتعالى:هذا كان باراً بوالديه ولم يمش بالنميمة".
كما أن من بركات التحلي بخلق بر الوالدين النجاة من الفقر في الدنيا ومن سكرات الموت، ففي كتاب أمالي الشيخ الطوسي عن إمامنا الصادق –عليه السلام- قال: "من أحب أن يخفف الله عزوجل عنه سكرات الموت فليكن لقرابته وصولاً وبوالديه باراً فاذا كان كذلك هون الله عليه سكرات الموت ولم يصبه في حياته فقرٌ أبداً".
ومن المصاديق العملية لآثار بر الوالدين في النجاة من الفقر ما رواه الشيخ الصدوق في كتاب (عيون أخبار الرضا) عنه –عليه السلام- ضمن حديث طويل عن قصة البقرة التي أمر الله بني إسرائيل بذبحها، وقد ذكر فيه أن الأمر آل في نهاية المطاف بأن يشتروا البقرة المطلوبة بملء وزنها ذهباً من فتىً من بني إسرائيل ساق الله هذا الرزق له لبره بأبيه، إذ أنه كان قد عقد صفقة مربحة فجاء لإمضائها فوجد بعض ما يلزمه فيها تحت رأس أبيه وهو نائم فكره أن يوقظه فترك ذلك البيع المربح فلما إستيقظ والده وعلم بهذا البر أعطاه تلك البقرة الفريدة، فلما عرف موسى-عليه السلام- بذلك قال لإصحابه:
"إنظروا الى البر ما بلغ بأهله".
مستمعينا الأطائب ومن الحكاية المتقدمة ينضح أيضاً أن من الآثار المهمة لبر الوالدين هو الفوز بالرعاية الإلهية الخاصة والدخول في كنف الله أي رعايته، وهذا ما يهدينا إليه حبيبنا الهادي المختار صلوات الله عليه وآله الأطهار، فقد روي عنه في كتاب (الخصال) أنه قال:
"أربع من كن فيه نشر الله عليه كنفه وأدخله الجنة في رحمته:حسن خلق يعيش به في الناس، ورفق بالمكروب، وشفقة على الوالدين وإحسان الى المملوك".
كما أن بر الوالدين من الوسائل التي تبلغ بالمؤمن الى أعلى مراتب الجنان، فقد روى الشيخ الطوسي في كتاب الأمالي عن مولانا الإمام الباقر –عليه السلام- قال : "أربعٌ من كن فيه من المؤمنين أسكنه الله في أعلى عليين... في محل الشرف كل الشرف: من آوى اليتيم ونظر له فكان له أباً، ومن رحم الضعيف وأعانه وكفاه، ومن أنفق على والديه ورفق بهما وبرهما ولم يحزنهما، ومن لم يخرق بمملوكه –أي لم يكلفه الصعاب- وأعانه على ما يكلفه ولم يستعمله فيما لم يطق).
والفوز بالدعوة المستجابة هو أيضاً من ثمار التحلي بخلق بر الوالدين كما صرحت عدة من الأحاديث الشريفة منها قول مولانا الإمام الصادق –عليه السلام- المروي في أمالي الطوسي أنه قال:
"ثلاث دعوات لا يحجبن عن الله تعالى: دعاء الوالد لولده إذا بره، ودعوته عليه إذا عقه، ودعاء المظلوم على ظالمه ودعاؤه لمن انتصر له منه، ورجلٌ مؤمن دعا لأخ له مؤمن واساه فينا ودعاؤه عليه إذا لم يواسه مع القدرة عليه وإضطرار أخيه إليه".
نشكر لكم أعزاءنا جميل المتابعة لحلقة اليوم من برنامجكم معالي الأخلاق، إستمعتم لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران ... دمتم بكل خير وفي امان الله.