بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم أيها الأكارم ورحمة الله وبركاته، أزكى تحية نحييكم بها ونحن نلتقيكم بفضل الله في لقاء اليوم من هذا البرنامج، نستنير فيه بطائفة من النصوص الشريفة التي تحثنا على أحد معالي الأخلاق التي يحبها الله عزوجل وأوصى بها وهو بر الوالدين ومصاحبتهما بالمعروف حتى لو لم يكونا من المؤمنين،
قال عزوجل في الآيتين ۱٤ و۱٥ من سورة لقمان:
"وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ{۱٤} وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{۱٥}".
ويستفاد من هاتين الآيتين أن شكر الوالدين قرين شكر الله عزوجل وفرع له فينبغي للمؤمن شكرهما على كل حال ومصاحبتهما بالمعروف والإحسان حتى عندما يرفض طاعتهما إذا دعواه للشرك والعياذ بالله.
وروي في الكافي عن مولانا الإمام الصادق –عليه السلام- أن رجلاً سأله عما ينبغي له العمل به مع والديه وكانا من المخالفين، فقال –عليه السلام-: "برهما كما تبر المسلمين ممن يتولانا".
وهذا أمرٌ الهي مؤكدٌ لا ينبغي نقضه بحال كما يستفاد من حديث مولانا الإمام الباقر –عليه السلام- المروي في كتاب الخصال قال:
"ثلاث لم يجعل الله عزوجل لأحد فيحص رخصة، إداء الأمانة الى البر والفاجر، والوفاء بالعهد للبر والفاجر، وبر الوالدين برين كانا أو فاجرين".
وعدم الإلتزام ببر الوالدين حتى لو كانا ظالمين سبب لعدم قبول الله صلاة العبد، كما ينبه لذلك مولانا الإمام الصادق –عليه السلام- حيث يقول كما في كتاب الكافي:
"من نظر الى أبويه نظر ماقت وهما ظالمان له لم يقبل الله له صلاة".
مستمعينا الأطائب، ويتأكد التحلي بخلق بر الوالدين خاصة إذا ضعفا وبلغا الكبر كما أشار لذلك القرآن الكريم وهذا من أهم وسائل الفوز بالجنة والنجاة من النار روي في الكافي مسنداً عن إبراهيم بن شعيب قال: قلت لأبي عبدالله {الصادق} عليه السلام: إن أبي قد كبر جداًوضعف، فنحن نحمله إذا أراد الحاجة، فقال –عليه السلام-: "إن أستطعت أن تلي ذلك منه فأفعل ولقمه بيدك، فإنه جنة لك غداّ" يعني نجاة من النار.
كما أن من كمال التحلي بهذا الخلق الكريم بر الوالدين بعد وفاتهما حيث ينقطع عملهما وترنو أعينهما الى بر أولادهم، قال مولانا الإمام محمد الباقر –عليه السلام-: "إن العبد ليكون باراً بوالديه في حياتهما ثم يموتان فلا يقضي عنهما دينهما ولا يستغفر لهما، فيكتبه الله عزوجل عاقاً، وإن ليكون عاقا لهما في حياتهما غير باربهما، فإذا ماتا قضى دينهما وإستغفر لهما فيكتبه الله عزوجل باراً بهما".
وبهذا نصل أيها الأكارم الى ختام حلقة أخرى من برنامجكم معالي الأخلاق إستمعتم لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران شكراً لكم وفي امان الله.