بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم مستمعينا الأطائب ورحمة الله، خلق (ذكر الله عند الكسب) من معالي الأخلاق التي يحبها الله لعباده، وقد حثت عليه كثيرٌ من النصوص الشريفة منها قوله تبارك وتعالى في الآية العاشرة من سورة الجمعة:
" فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"
قال الشيخ الطبرسي في تفسير مجمع البيان:روي عن النبي –صلى الله عليه وآله- قال: "من ذكر الله مخلصاً في السوق عند غفلة الناس وشغلهم بما هم فيه كتب الله له ألف حسنة ويغفر الله له يوم القيامة مغفرة لم تخطر على قلب بشر".
وروي في كتاب (من لا يحضره الفقيه) عن مولانا الصادق –عليه السلام- قال: "من ذكر الله عزوجل في الأسواق غفر الله له بعدد أهلها".
مستمعينا الأفاضل، ومثلما بينت الأحاديث الشريفة عظيم ثواب ذكر الله عزوجل عند الكسب فقد ذكرت مجموعة من مصاديق هذا الذكر، منها ما روي في كتاب الكافي عن رسول الله –صلى الله عليه وآله- قال:
إذا صلى أحدكم المكتوبة وخرج من المسجد فليقف بباب المسجد، ثم ليقل: "اللهم، دعوتني فأجبت دعوتك، وصليت مكتوبتك وإنتشرت في أرضك. كما أمرتني، فأسلك من فضلك العمل بطاعتك وإجتناب سخطك، والكفاف من الرزق برحمتك".
ومن مصاديق ذكر الله عند الكسب ما روي في كتاب (من لا يحضره الفقيه) عن الإمام الصادق –عليه السلام- في قول الله عزوجل "رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ" قال –عليه السلام-:
"كانوا أصحاب تجارة، فاذا حضرت الصلاة تركوا التجارة وإنطلقوا الى الصلاة وهم أعظم أجراً ممن لم يتجر".
أيها الأطائب، مما لا ريب فيه أن الحاجة الى ذكر الله عزوجل إثناء الكسب تشتد أكثر لكي تحفظ الإنسان من مزالق الغفلة عن الحلال والحرام وأحكامهما في العمل التجاري، قال رسول الله –صلى الله عليه وآله- في وصيته لوصيه الإمام المرتضى –عليه السلام-:
"يا علي ثلاثٌ لا تطيقها هذه الأمة: المواساة للأخ في ماله وانصاف الناس من نفسه، وذكر الله على كل حال... إذا ورد على ما يحرم عليه خاف الله عزوجل عنده وتركه".
ولذلك فقد روي أن من الأدعية المستحبة عند دخول الإنسان السوق أو محل عمله أن يقول ما روي في كتاب المحاسن عن مولانا الإمام محمد الباقر –عليه السلام-:
"اللهم إني أسألك من فضلك وأستجير بك من الظلم والغرم والمأثم"
ونختم أيها الأحبة بالوصية التالية التي رواها الشيخ الكليني في كتاب الكافي عن مولانا الإمام الصادق أنه –عليه السلام- كان يوصي بها أصحابه قائلاً:
"عليكم بتقوى الله، وما ينال به ما عندالله، إني والله ما آمركم إلا بما نأمر به أنفسنا، فعليكم بالجد والإجتهاد، وإذا صليتم الصبح فانصرفتم فبكروا في طلب الرزق وإطلبوا الحلال فإن الله سيرزقكم ويعينكم عليه"
وختاماَ نشكر لكم أيها الأكارم جميل الإصغاء لحلقة اليوم من برنامجكم معالي الأخلاق الى لقائنا المقبل بأذن الله دمتم في أمان الله.