بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم مستمعينا الأطائب ورحمة الله وبركاته، تحية طيبة نحييكم بها ونحن نلتقيكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج، نروّح قلوبنا بريحان طائفة من النصوص الشريفة المبينة لفضيلة وبركات خلق آخر من معالي الأخلاق الكريمة هو خلق (حفظ أسرار الآخرين).
قال رسول الله –صلى الله عليه وآله- في وصيته للصحابي الجليل أبي ذرالغفاري –رضوان الله عليه:
"يا أباذر المجالس بالإمانة وإفشاؤك سر أخيك خيانة فأجتنب ذلك".
وللتحلي بهذا الخلق النبيل –مستمعينا الأفاضل- مصاديق كثيرة، تشمل كتمان مختلف أنواع ما قد يطلع عليها الإنسان من أسرار الآخرين مما لا يحبون إطلاع غيرهم عليها، قال مولانا أمير المؤمنين –عليه السلام- في الحديث الذي رواه عنه الشيخ المفيد رحمه الله في كتاب (الإختصاص).
"جمع خير الدنيا والآخرة في كتمان السر ومصادقة الأخيار، وجمع الشر في الإذاعة ومؤاخاة الأشرار".
ويستفاد من النصوص الشريفة أن في بعض مصاديق هذا الخلق تخلقاً بخلق الله عزوجل في الستارية، وعدم التحلي به يعرض العبد للسخط الإلهي فقد روي في كتاب الإختصاص أيضاً عن إمامنا الصادق –صلوات الله عليه- قال:
"من إطلع من مؤمن على ذنب أو سيئة فأفشى ذلك عليه ولم يكتمها ولم يستغفر الله له، كان عند الله كعاملها، وعليه وزر ذلك الذي أفشاه عليه، وكان مغفوراً لعاملها، وكان عقابه ما أفشى عليه في الدنيا، {فصار} مستوراً عليه في الآخره، ثم يجد الله أكرم من أن يثني عليه عقاباً في الآخرة".
مستمعينا الأطائب، ونجد في الأحاديث الشريفة تصريحاً بأن عدم التحلي بهذا الخلق، يعرض الأنسان لأن يصبح مما أوعدهم الله في قرآنه الكريم بالعذاب الأليم ليس في الآخرة وحسب بل في الدنيا أيضاً؛ فمثلاً روى الشيخ الصدوق في كتاب (عقاب الأعمال) بسنده عن محمد بن فضيل أنه قال للإمام موسى الكاظم –عليه السلام-: جعلت فداك، الرجل من أخواني يبلغني عنه الشيء الذي أكرهه، فأسأله عنه، فينكر ذلك وقد أخبرني عنه قوم ثقات، {فماذا أفعل}؟ فأجابه الأمام الكاظم –صلوات الله عليه- قائلاً:
"يا محمد، كذب سمعك وبصرك عن أخيك، ولا تذيعن عليه شيئاً تشينه به وتهدم به مروءته، فتكون من الذين قال الله "إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ"."
وأخيراً فإن الأحاديث الشريفة تصرح بأن عدم الأخذ بخلق حفظ أسرار عباد الله والسعي لما فيه إسقاط المؤمن من أعين الناس، يسلب الإنسان ولاية الله ونصرته، روي في الكافي عن مولانا الإمام الصادق –عليه السلام- قال:
"من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه وهدم مرؤته ليسقط من أعين الناس، أخرجه الله من ولايته الى ولاية الشيطان فلا يقبله الشيطان"
وبهذا نكون مستمعينا الأكارم قد وصلنا الى ختام حلقة أخرى من برنامجكم معالي الأخلاق وفقنا الله وإياكم لجميل التحلي بها ببركة موالاة محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، دمتم بألف خير وفي أمان الله.