بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم أيها الأطائب ورحمة الله، تحية طيبة نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من برنامجكم هذا نروح قلوبنا بريحان طائفة من النصوص الشريفة التي توصي المؤمنين بالتحلي بخلق الصبر على جفاء أعداء النعم من الحساد وغيرهم.
فهذا الخلق من معالي الأخلاق التي جعل الله فيها رضاه وطاعته عزوجل، قال مولانا الإمام الكاظم –عليه السلام- في حديث رواه عنه الشيخ الكيني رحمه الله في كتاب الكافي:
" إصبر على أعداء النعم فإنك لن تكافىء من عصى الله فيك بأفضل من أن تطيع الله فيه".
كما أن التحلي بهذا الخلق الكريم من وسائل تمام العمل أي حصول المؤمن على بركات عمله الصالح؛ وهذا مما يهدينا إليه سيدنا الهادي المختار –صلوات ربي عليه وآله الأطهار، فقد روي عنه في كتاب الكافي أنه قال:
" ثلاثٌ من لم تكن فيه لم يتم له عملٌ: ورع يحجزه عن معاصي الله، وخلق يداري به الناس، وحلمٌ يرد به جهل الجاهل".
والتحلي بخلق الصبر على جفاء الناس وأذاهم من الوسائل التي تقوي إيمان المؤمن وثقته بربه العدل الحكيم وبوعده القرآني الصادق بأنه جل جلاله يدافع عن الذين أمنوا وينصرهم في هذه الحياة الدنيا فضلاً عن يوم يقوم الأشهاد في القيامة.
قال مولانا الإمام أمير المؤمنين –عليه السلام- في وصيته لولده محمد بن الحنفية التي رواها الشيخ الصدوق في كتاب (من لا يحضره الفقيه): " وإعلم أن رأس العقل بعد الإيمان بالله عزوجل مداراة الناس، ولاخير فيمن لا يعاشر بالمعروف من لابد من معاشرته حتى يجعل الله الى الخلاص منه سبيلا، فإني وجدت جميع ما يتعايش به الناس وبه يتعاشرون ملء مكيال ثلثاه إستحسان وثلثه تغافل"
ومراده –عليه السلام- بالإستحسان والتغافل، مداراة الخلق ومجاملتهم بهما، فيستحسن منهم الخير ويتغافل عن الأذى.
أيها الأخوات والأخوة، ولنتدبر معاً في الحديث الشريف التالي وفيه إشارات جميلة الى عاقبة الصبر على جفاء الناس في الحياة الدنيا قبل الآخرة من خلال ما جرى لأحد الأنبياء –عليهم السلام- فقد روي في كتاب الكافي عن مولانا الإمام جعفر الصادق –عليه السلام- قال: " إن الحرّ حرٌ على جميع أحواله، إن نابته نائبه صبر لها، وإن تداكت عليه المصائب لم تكسره وإن أسر وقهر وأستبدل باليسر عسرا، كما كان يوسف الصديق الأمين لم يضرر حريته أن أستعبد وقهر وأسر، ولم تضرره ظلمة الجب ووحشته وما ناله أن من الله عليه فجعل الجبار العاتي له عبداً بعد إذ كان له مالكاً، فأرسله ورحم به أمة.
وكذلك الصبر تعقب خيراً، فإصبروا ووطنوا أنفسكم على الصبر تؤجروا".
وختاماً نشكر لكم أيها الأفاضل حسن الصحبة في لقاء اليوم من برنامجكم معالي الأخلاق، دمتم بألف خير وفي أمان الله.