بسم الله الرحمن الرحيم
سلامٌ من الله عليكم أيها الأطائب ورحمة الله، أزكى تحية نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج، نستنير فيه بطائفة من الأحاديث الشريفة المبينة لفضيلة التطهر من الحسد بما يعني من الإنزعاج عند رؤية نعم الله وفضله على عباده وتمني زوالها.
والتطهر من ذلك هو من وصايا الله لأنبيائه المكرمين –عليهم السلام- كما يخبرنا بذلك سيدهم المصطفى الأمين –صلى الله عليه وآله- في الحديث المروي عنه –عليه السلام- في كتاب الوسائل أنه قال:
"قال الله عزوجل لموسى بن عمران –عليه السلام-:
يا ابن عمران، لا تحسدن الناس على ما آتيتهم من فضلي ولا تمدن عينيك الى ذلك، ولا تتبعه نفسك، فإن الحاسد ساخطٌ لنعمتي، صادٌ لقسمي الذي قسمت بين عبادي، ومن يك كذلك فلست منه وليس مني".
ومعنى قوله عزوجل (فلست منه وليس مني) هو أن المبتلى بالحسد بعيدٌ كل البعد عن أخلاق الله جل جلاله.
والتطهر من الحسد يعني النجاة من مرض القلب والجسم معاً كما ينبهنا لذلك مولانا أميرالمؤمنين –عليه السلام- كما في مستدرك الوسائل أنه قال:
"الحسد لا يجلب إلا مضرة وغيظاً، يوهن قلبك ويمرض جسمك وشر ما إستشعر قلب المرء الحسد"
كما أن الحسد يحبط الحسنات ويعمي القلب ويوقع في الكفران والجحود لنعم الله عزوجل. قال مولانا الصادق –عليه السلام- كما في كتاب مصباح الشريعة:
"الحاسد مضرٌ بنفسه قبل أن يضر المحسود، كأبليس الذي أورث بحسده لنفسه اللعنة ولآدم الإجتباء والهدى والرفع الى محل حقائق العهد والإصطفاء .. فكن محسوداً ولا تكن حاسداً فإن ميزان الحاسد أبداً خفيف بثقل ميزان المحسود، والرزق مقسومٌ.. والحسد أصله من عمى القلب والجحود لفضل الله وهما جناحان للكفر".
ومن مصاديق الحسد التي ينبغي التطهر منها إنكار فضل أولياء الله عزوجل وخواص المؤمنين ممن أنعم الله عليهم كما يشير الى ذلك مولانا الإمام الصادق في الحديث المروي عنه في كتاب الكافي أنه قال:
"إتقوا الله ولا يحسد بعضكم بعضاً، إن عيسى بن مريم كان من شرائعه السيح في البلاد، فخرج في بعض سيحه ومعه رجل من أصحابه قصير وكان كثير اللزوم لعيسى –عليه السلام- فلما إنتهى عيسى الى البحر قال: بسم الله، بصحة اليقين منه.
فمشى على ظهر الماء، فقال الرجل القصير حين نظر الى عيسى جازه: بسم الله بصحة يقين منه، فمشى على الماء ولحق بعيسى –عليه السلام-، فدخله العجب بنفسه {يعني (عليه السلام) أن الرجل توهم أن مشيه على الماء هو بكرامة له وليس ببركة عيسى –عليه السلام-}.
فقال الرجل: هذا عيسى روح الله يمشي على الماء وأنا أمشي على الماء فما فضله عليّ؟! قال الصادق –عليه السلام-: فرمس في الماء، فأستغاث بعيسى، فتناوله من الماء فأخرجه، ثم قال له: ما قلت يا قصير؟
قال: قلت هذا روح الله يمشي على الماء وأنا أمشي على الماء فدخلني من ذلك عجب.
فقال له عيسى: لقد وضعت نفسك في غير الموضع الذي وضعك الله فيه فمقتك الله على ما قلت، فتب الى الله تعالى مما قلت.
فتاب الرجل وعاد الى مرتبته التي وضعه الله فيها. فاتقوا الله ولا يحسدن بعضكم بعضاً."
إنتهى ايها الأطائب لقاء اليوم من برنامج معالي الأخلاق شكراً لكم وفي أمان الله.