بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم أيها الأطائب ورحمة الله، أطيب تحية نهديها ونحن نصطحبكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج، فندعوكم لجولة قصيرة في رحاب النصوص الشريفة المبينة لخلق (حسن الصحبة لرفيق السفر)، وهو من الأخلاق الكريمة التي يحبها الله عزوجل ويحب المتخلقين بها، كما يبشرنا بذلك حبيبنا السراج المنير محمد –صلى الله عليه وآله- في الحديث المروي عنه في كتاب (من لا يحضره الفقيه) للشيخ الصدوق، حيث قال:
"ما إصطحب إثنان إلا كان أعظمهما أجراً وأحبهما الى الله عزوجل أرفقهما بصاحبه".
اخوتنا الأكارم، وهذا الخلق من الأخلاق التي أوصانا الله عزوجل بها في كتابه المجيد، فقد ذكر المفسرون أن رفيق السفر هو أحد مصاديق الوصف القرآني (والصاحب بالجنب) المذكور في الآية السادسة والثلاثين من سورة النساء ضمن الطوائف الذين أوصى الله بالإحسان إليهم بعد أن دعا الى عبادته وحده لا شريك له.
والى المصاديق العملية للتحلي بهذا الخلق الكريم يهدينا مولانا الإمام سيد الساجدين –عليه السلام- في رسالته المباركة في الحقوق حيث يقول: "فأما حق الصاحب فأن تصحبه بالتفضل والإنصاف، وتكرمه كما يكرمك، ولا تدعه يسبقك الى مكرمة، فإن سبق كافأته، وتوده كما يودك، وتزجره عمايهم به من معصية، وكن عليه رحمة ولا تكن عليه عذاباً".
ومن مصاديق حسن الصحبة ما رواه العلامة الطبرسي في كتاب مكارم الأخلاق، من أن رسول الله –صلى الله عليه وآله- كان في سفر فأمر أصحابه بذبح شاة فقال رجل: عليّ ذبحها، وقال آخر: علي سلخها، وقال آخر: علي قطعها وقال رابع:عليّ طبخها، فقال –صلى الله عليه وآله-: عليّ أن ألقط لكم الحطب، فقالوا: يا رسول الله لا تتعبن نحن نكفيك، فقال:
"قد علمت أنكم تكفوني ولكن الله يكره من عبده إذا كان مع أصحابه أن ينفرد من بينهم".
ثم قام –صلى الله عليه وآله- يلقط الحطب لهم.
وأخيراً لنتدبر أيها الأكارم في الرواية التالية التي رواها ثقة الإسلام الكليني في الكافي وفيها إشارة لطيفة الى أثر التحلي بهذا الخلق في الهداية الى الله، فقد جاء عن مولانا الإمام الصادق –عليه السلام- قال:
إن أمير المؤمنين –عليه السلام- صاحب رجلاً ذمياً {يعني من أهل الكتاب} فقال له الذمي:أين تريد يا عبدالله؟ فقال:أريد الكوفة، فلما عدل الطريق بالذمي {أي عند مفترق الطريق} عدل معه أمير المؤمنين –عليه السلام-، فقال له الذمي: ألست زعمت أنك تريد الكوفة؟ قال: بلى، فقال: فقد تركت الطريق، فقال: قدعلمت، قال: فلم عدلت معي وقد علمت ذلك؟
فقال له أمير المؤمنين: "هذا من تمام حسن الصحبة أن يشيع الرجل صاحبه هنيئة إذا فارقه، وكذلك أمرنا نبينا –صلى الله عليه وآله-"...
فقال الذمي: لا جرم إنما إتبعه من تبعه لأفعال الكريمة فأنا أشهدك أني على دينك.
قال الصادق –عليه السلام-: "ورجع الذمي مع أمير المؤمنين –عليه السلام- فلما عرفه أسلم".
نشكر لكم أخوتنا واخواتنا حسن الصحبة والمتابعة لحلقة اليوم من برنامجكم (معالي الأخلاق) وفي أمان الله.