بسم الله الرحمن الرحيم
سلام من الله عليكم أيها الأطائب ورحمة الله، أهلاً بكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج وطائفة من النصوص الشريفة التي تبعث في قلوبنا حب معالي الأخلاق ومنها الخلق النبيل (إيثار رضا الله على هوى النفس).
ولا يخفى عليكم أيها الأفاضل أن القرآن الكريم إعتبر إتباع أهواء النفس الأمارة بالسوء من أخطر الأوثان التي تسوق الإنسان للضلالة والنار وتعمي القلوب، ولذلك فإن التحلي بهذا الخلق النبيل هو مفتاح النجاة من عبادة الهوى الذي يقول عنه الله جل جلاله في الآية ۲۳ من سورة الجاثية: "أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ".
ويرغبنا ربنا الرؤوف الرحيم في جميل عاقبة التحلي بخلق إيثار رضاه عزوجل على اهواء النفس الأمارة بالسوء فيقول في الآيتين ٤۰-٤۱ من سورة النازعات:
"وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى{٤۰} فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى{٤۱}" وقال حبيبنا وهادينا الرسول المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى (صلى الله عليه وآله) كما في كتاب من لا يحضره الفقيه:
(من عرضت له فاحشة: فإجتنبها مخافة الله عزوجل حرمالله عليه النار وآمنه من ما وعده في كتابه في قوله تعالى "وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ"(سورة الرحمن٤٦).
ألا ومن عرضت له دنيا وآخرة فإختار الدنيا على الآخرة لقي الله عزوجل يوم القيامة وليست له حسنة يتقي بها النار، ومن إختار الآخرة وترك الدنيا رضي الله عنه وغفر له مساوىء عمله".
ايها الأطائب،
ونستفيد من النصوص الشريفة أن التحلي بخلق إيثار رضا الله على هوى النس يجعل الإنسان يحظى بنور الله عزوجل وتسديده له في الدنيا والآخرة ويكون من المقربين عند الله.
روى الشيخ البرقي في كتاب المحاسن عن إمامنا الصادق (عليه السلام) قال: "قال الله تعالى: إنما أقبل الصلاة ممن يتواضع لعظمتي ويكف نفسه عن الشهوات من أجلي ويقطع نهاره بذكري ولا يتعاظم على خلقي ويطعم الجائع ويكسو العاري ويرحم المصاب ويؤوي الغريب فذلك يشرق نوره مثل الشمس أجعل له في الظلمات نوراً وفي الجهالة حلماً، أكلؤه –يعني أرزقه وأطعمه- بعزتي، وأستحفظه ملائكتي، يدعوني فألبيه، ويسألني فأعطيه، فمثل ذلك {المؤمن} عندي كمثل جنات عدن لا يسمو ثمرها ولا تتغير عن حالها"
ومعنى تشبيه مثل هذا المؤمن بجنات عدن التي لا يسمو ثمرها ولا تتغير عن حالها هو كون بركاته دانية تشمل جميع خلق الله كما أنه لا تتغير حاله ملتزم بالإستقامة في السر على الصراط المستقيم.
نشكر لكم ايها الأطائب جميل الإصغاء لحلقة اليوم من برنامجكم معالي الأخلاق الى لقائنا المقبل دمتم بألف خير.