السلام عليكم أيها الأطائب ورحمة الله وبركاته، تحية طيبة تقبلونها منا متفضلين وأنتم ترافقوننا مشكورين في رحلة قصيرة في الرياض اليانعة لمعالي الأخلاق التي يحبها الله ورسوله، ومنها قلة خلق إستصغار المحسن لإحسانه وفاعل الخير لفعله، تابعونا على بركة الله.
قال الله تبارك وتعالى في الآية السادسة من سورة (المدثر): "وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ"
ومعنى تستكثر في اللغة هو: تجده أو تراه كثيراً.
وروي في الكافي عن إمامنا الصادق –صلوات الله عليه- قال في تفسير هذه الآية الكريمة: "لا تستكثر ما عملت من خير لله عزوجل".
وعن مولانا أميرالمؤمنين –عليه السلام- قال كما في نهج البلاغة: "وإياك والمنّ على رعيتك بأحسانك، أو التزيد في ما كان من فعلك، فإن المنّ يبطل الاحسان والتزيد يذهب بنور الحق".
ولعل معنى (التزيّد) هنا هو طلب المزيد من شكر الآخرين على ما تقدمه لهم.
مستمعينا الأفاضل، وفي مقابل النهي القرآني عن إستكثار فعل الخير كماً وكيفا، نجد في الأحاديث الشريفة حثاً على التحلي بخلق إستصغار فعل الخير والاحسان للآخرين وقد جعل الله بلطفه ذلك وسيلة لإستشعار الذين يحسن اليهم الانسان بقيمة احسانه اليهم.
نتدبر معاً فيما رواه ثقة الاسلام الكليني في الكافي والصدوق في الخصال مسنداً عن مولانا الامام الصادق عليه السلام قال:
"رأيت المعروف لا يصلح إلا بثلاث خصال: تصغيره وستره وتعجيله، فانك اذا صغرته عظمته عند من تصنعه اليه وإذا سترته تممته وإذا عجلته هناته، واذا كان غير ذلك محقته وسخفته ونكدته".
أيها الأخوة والأخوات ويتضح من الحديث الصادقي المتقدم أن من كمال التخلق بخلق إستصغار المحسن لما يقدمه للناس، أن يستره وقد ورد في ذلك كثيرٌ من النصوص الشريفة التي تحث على صدقة السر لما فيها من حفظ لكرامة المحتاج ومن إبعاد للكبر والعجب عن المحسن.
كما أن من كمال التخلق بهذا الخلق تعجيل العطية لكي يهنأ السائل بها ويرفع الله بذلك حاجته.
ومن عجيب ولطيف التقدير الإلهي، أن الله عزوجل قدر للمحسن الذي يتلزم بهذا الخلق النبيل أن يعظم أجره ويظهر في الناس مرؤته وكرمه الذي كتمه، قال مولانا أمير المؤمنين –عليه السلام- في نهج البلاغه:
"لا يستقيم قضاء الحوائج الا بثلاث بأستصغارها لتعظم وبأستكتامها لتظهر وبتعجيلها لتهنأ".
وبهذا ننهي أيها الاكارم لقاء اليوم من برنامجكم (معالي الاخلاق) استمعتم له مشكورين من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، تقبل الله اعمالكم وفي امان الله