السلام عليكم أيها الأطائب ورحمة الله وبركاته، معكم في لقاء أخر من هذا البرنامج نقضي فيه دقائق في رحاب معالي الأخلاق التي يحبها الله عزوجل، ولنا وقفة في هذا اللقاء عند الأحاديث الشريفة التي تحثنا على خلق (مواساة خلق الله) وهو من أكرم الأخلاق الكريمة، روى الشيخ الصدوق في كتاب مصادقة الأخوان عن مولانا الإمام الصادق (عليه السلام) قال:
(انظر الى ما أصبت –يعني من الرزق- فعد به على إخوانك، فإن الله يقول "إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ" ثم قال –عليه السلام-: قال رسول الله –صلى الله عليه وآله-: "ثلاثة لا تطيقها هذه الأمة: المواساة للأخ في ماله، وإنصاف الناس من نفسه وذكر الله على كل حال، وليس هو سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله فقط ولكن إذا ورد على ما يحرّم الله خاف الله".
إذن –مستمعي الكريم- فإن التحلي بخلق المواساة للناس هو حسنة تذهب بالسيئة اي انه وسيلة للتطهر من آثار السيئات، كما انه من علامات صدق الإيمان، فقدروي في كتاب الخصال عن رسول الله –صلى الله عليه وآله- انه قال: (من واسى الفقير من ماله وانصف الناس من نفسه فذلك المؤمن حقاً) ولذلك كان من كرائم أخلاق اهل بيت النبوة –عليهم السلام- فقد روي في كتاب الكافي عن الامام الباقر –عليه السلام- قال:
(كان أمير المؤمنين –عليه السلام- يقول: انا أهل بيت أمرنا أن نطعم الطعام، ونؤدي في الناس النائبة، ونصلي إذا نام الناس)
ومعنى (نؤدي في الناس النائبة) أي نعينهم ونواسيهم فيها. وفي الكافي أيضاً عن مولانا الإمام الصادق –عليه السلام- قال ضمن حديث: (... يحق على المسلمين الإجتهاد فيه [يعني في امر إعانه الضعفاء] والتواصل والتعاون عليه والمواساة لأهل الحاجة، والعطف منكم، تكونون على ما أمر الله فيهم رحماء بينكم متراحمين).
مستمعينا الأفاضل، ومن بليغ ما روي في التحذير من الغفلة عن المواساة ما رواه ثقة الاسلام الكليني في الكافي عن مولانا الامام الصادق عليه السلام انه كان يقول: "إن يعقوب لما ذهب منه بنيامين نادى: يا رب، أما ترحمني، أذهبت عيني وأذهبت ابنيّ، فأوحى الله تبارك وتعالى اليه، لو أمتهما لاحييتهما لك حتى أجمع بينك وبينهما،ولكن تذكر الشاةالتي ذبحتها وشويتها واكلت، وفلان الى جانبك صائمٌ لم تنله منها شيئاً".
فكان بعد ذلك يعقوب ينادي مناديه كلّ غداة من منزله على فرسخ: ألا من أراد الغداء فليات الى يعقوب، واذا أمسى نادى: ألا من اراد العشاء فليأت الى يعقوب
ومسك الختام في الحث على التحلي بخلق المواساة هو قول رسول الله –صلى الله عليه وآله-: المروي في الكافي وهو: "ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع، وما من أهل قرية يبيت فيهم جائع ينظر الله اليهم يوم القيامة".
رزقنا الله واياكم حسن مواساة الناس في كل الاحوال والتقرب اليه بالتحلي بهذا الخلق الكريم انه سميع مجيب، وبهذا ننهي من اذاعة طهران لقاء اليوم من برنامج (معالي الاخلاق) شكراً لكم ودمتم بالف خير.