الرواي: اهلاً بكم احباءنا في الحلقة الاخيرة من هذه المجموعة الروائية التي نقلنا فيها كاتبها في سفر عبر التأريخ الى عصر الرضا علي بن موسى عليهما السلام وها هو يدخل على دعبل الخزاعي وقد كان قد سمع من يقول ان المأمون دفن الرضا عليه السلام الى جانب قبر ابيه هارون عسى ان يخلد قبر ابيه او يخفف عنه شيئاً من العذاب.
توفيق: السلام عليكم يا شاعر اهل البيت يا دعبل الخزاعي.
دعبل: وعليكم السلام تفضل يا اخي.
توفيق: يا له من غبي ما أجهله...
دعبل: من؟
توفيق: مأمون ليته يعرف شيئاً مما تعرفه انت يا دعبل بن علي الخزاعي وما قلته عندما سمعت بشهادة الامام الرضا(ع) ودفنه بجانب هارون، ما الذي قلته يومذاك يا شاعر اهل البيت؟
دعبل: لقد قلت يا ولدي:
أربع بطوس على قبر الزكي اذا
ما كنت ترفع من دين على فطر
قبران في طوس خير الناس كلهم
وقبر شرهم هذا من العبر
ما ينفع الرجس من قبر الزكي وما
على الزكي بقرب الرجس من ضرر
هيهات كل امرئ رهن بما كسبت
به يداه فخذ ما شئت او فذر
توفيق: احسنت يا شاعر اهل البيت ان الامام الرضا(ع) قال: ان بخراسان لبقعة يأتي عليها زمان تصير مختلف الملائكة. ولا يزال فوج ينزل من السماء وفوج يصعد الى ان ينفخ في الصور.
فسأله احد اصحابه: يا ابن رسول الله واي بقعة هذه؟
فأجابه الرضا(ع): هي بأرض طوس، وهي والله روضة من رياض الجنة من زارني في تلك البقعة كان كمن زار رسول الله(ص) وكتب الله له ثواب الف حجة مبرورة والف عمرة مقبولة وكنت انا وآبائي شفعاءه يوم القيامة.
*******
توفيق: ها، ها هو محمد بن عمر النوقاني، انه يدخل المسجد، سأذهب اليه.
توفيق: اهلاً ومرحباً بأخي محمد بن عمر النوقاني.
النوقاني: حياك الله يا اخي وبياك وثبتني واياك على ولاية اهل البيت(ع).
توفيق: بارك الله فيك... يا حبذا لو تحدثني يا أخي كيف تيقنت من امامة مولانا الرضا(ع) وعرفت حقه؟
النوقاني: والله يا اخي انها معجزة عجيبة اراد الله سبحانه ان يهديني بها الى الايمان رغم ان اهلي وامي بالذات كانوا من المخالفين. احدثك... ذات ليلة ظلماء بينما كنت نائماً فوق سطح منزلنا بنوقان وهي مدينة صغيرة تبعد عن طوس بمسافة قليلة اذ انتبهت فجأة ونظرت الى الناحية التي فيها مشهد علي بن موسىالرضا(ع) بسناباد طوس فرأيت نوراً قد علا حتى امتلأ منه المشهد وصار مضيئاً كأنه نهار... فقالت لي أمي.
ام محمد: مالك يا بني؟
النوقاني: لقد رأيت يا أماه نوراً ساطعاً قد امتلأ منه المشهد.
ام محمد: نم يا ولدي، لا تهذي.
النوقاني: لم لا تصدقيني يا اماه تعالي وانظري.
ام محمد: يا الهي ما هذا النور الحمدلله.. الحمدلله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله.
النوقاني: أماه اني ذاهب الى المشهد الآن.
ام محمد: الآن؟! وفي هذا الليل المظلم.
النوقاني: ألا ترين الليل غدا نهاراً يا أماه. استودعك الله يا أماه.
*******
النوقاني: فقصدت المشهد... ووجدت الباب مغلقاً، حاولت فتحه فلم أفلح لانه مقفل بالمفتاح... فقلت: اللهم ان ان كان امر الرضا حقاً فافتح لي هذا الباب ثم دفعته بيدي فانفتح، ودخلت وزرت وصليت... واستبصرت في أمر الرضا(ع)... فكنت اقصده بعد ذلك في كل ليلة جمعة زائراً من نوقان، اصلي عنده، الى وقتي هذا...
الراوي: اعزائي المستمعين الكرام ان بركات الروضة الرضوية لا تعد ولا تحصى... فكل زائر يحمل معه عدة حاجات يسأل الله تعالى عند ضريح الامام الرضا(ع) قضاءها... فيقضي الله حاجته الا مأثماً أو قطيعة رحم كما جاء في حديث الامام علي الهادي(ع).
الامام الهادي(ع): من كانت له الى الله حاجة فليزر قبر جدي الرضا(ع) بطوس وهو على غسل وليصل عند رأسه ركعتين وليسأل الله حاجته في قنوته. فأنه يستجيب له مالم يسأل في مأثم او قطيعة رحم... وان موضع قبره لبقعة من بقاع الجنة لايزورها مؤمن الا اعتقه الله من النار وأحله دار القرار.
توفيق: إن الكرامات التي حباها الله تعالى لهذا المشهد الشريف والبركات التي أنزلها عليه والمعجزات التي أناطها به، ما جعل أفئدةً من الناس تهوي اليه من أقصى أقطار الارض طلباً للأجر والثواب والتبرك أو طلبا لقضاء حاجة مستعصية ووفاءً لحق الامام عليهم بزيارته... ها هو الزائر المصري لأسأله عن المعجزة التي رأها بعينيه.
توفيق: السلام عليكم.
المصري: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
توفيق: هل يمكن لك يا اخي بان تروي عن المعجزة التي شاهدتها.
المصري: انا حمزة المصري، خرجت من مصر زائراً الى مشهد الرضا(ع) بطوس... ولما دخلت المشهد الشريف عند غروب الشمس فزرت وصليت، ولم يكن في ذلك اليوم زائر غيري فلما صليت العشاء اراد خادم القبر ان يخرجني ليغلق الباب... فطلبت منه أن يغلق علي الباب ويدعني في المشهد أصلي فيه فإني قد قدمت من مسافة شاسعة وبلد بعيد ولا حاجة لي في الخروج من المشهد حتى الفجر...
فوافق الخادم على بقائي في المشهد، وقفل علي الباب بالمفتاح وانصرف... فبقيت اصلي وحدي الى أن تعبت، فجلست ووضعت رأسي على ركبتي لاستريح ساعة ثم أستأنف صلاتي... ولما رفعت رأسي رأيت على الجدار المواجه لي رقعة كتب عليها هذان البيتان:
من سره أن يرى قبراً برؤيته
يفرج عمن زاره كربا
فليأت ذا القبر ان الله أسكنه
سلالةً من نبي الله منتجبا
فقمت واخذت اصلي الى وقت السحر ثم جلست لجلستي الاولى. ووضعت رأسي على ركبتي... فلما رفعت راسي لم ار على الجدار شيئاً... وان الذي رأيته مكتوباً كان رطباً وكأنما كتب الساعة... فانفلق الصبح وفتح الخادم الباب وخرجت من هناك.
توفيق: سبحان الله ... سبحان الله.
*******
توفيق: لاذهب الى محمد ابن ابي عبد الله الهروي في تلك الزاوية من المسجد واسأله عن قصة الرجل البلخي ومملوكه، السلام عليكم.
الهروي: وعليكم السلام يا ولدي تفضل واجلس.
توفيق: ارجو منك يا سيدي وبما انك كنت شاهداً على حكاية الرجل البلخي ومملوكه أن تقص لي حكايته.
الهروي: حضر الى هذا المشهد رجل من أهل بلخ ومعه عبد مملوك له. ولما زار هو ومملوكه الرضا(ع) وقف الرجل عند الرأس الشريف يصلي ووقف مملوكه يصلي عند رجلي الامام(ع)... فلما فرغا من صلاتهما سجدا فأطالا سجودهما. فرفع الرجل رأسه من السجود قبل المملوك وقال له:
الرجل: يا عبد الله...
المملوك: لبيك يا مولاي.
الرجل: تريد الحرية يا عبد الله.
المملوك: نعم يا مولاي.
الرجل: انت حر لوجه الله تعالى... ومملوكتي فلانة ببلخ حرة لوجه الله تعالى، وقد زوجتها منك بكذا وكذا من الصداق، وضمنت لها ذلك عنك.. وبستاني الفلاني جعلته وقفاً عليكما وعلى أولادكما، وأولاد أولادكما ما تناسلوا. بشهادة هذا الامام.
المملوك: (وهو يبكي): أقسم بالله تعالى وبالامام الرضا(ع) ما كنت أسأل في سجودي الا هذه الحاجة بعينها.
الرجل: وقد استجاب الله تعالى لك يا عبد الله بهذه السرعة.
توفيق: احسنت يا محمد ابن عبد الله الهروي على هذه القصة.
الهروي: احسنت يا ولدي.
*******
توفيق: ها هو علي بن احمد البصري جالساً يدعو الله سبحانه وتعالى سأذهب اليه وأسال منه عن الضبي.
توفيق: السلام عليكم.
البصري: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا ولدي تفضل واجلس.
توفيق: ان الرواة ذكروا عن (الضبي) بأنهم لم يلقوا انصب منه لأهل البيت(ع) حتى بلغ الحد من نصبه أنه كان يقول اللهم صل على محمد فرداً ويمتنع عن الصلاة على آله. فما هو رأيك يا سيدي؟
البصري: اسمع يا ولدي ذات يوماً رأى رجل من الصالحين فيما يرى النائم رسول الله(ص) فقال له:
الرجل الصالح: يا رسول الله من أزور من اولادك؟
النبي(ص): ان من أولادي من أتاني مسموماً ومنهم من أتاني مقتولاً:
الرجل الصالح: فمن أزور منهم يا رسول الله؟ مع تشتت مشاهدهم وتفرق اماكنهم.
النبي(ص): من هو أقرب منك. وهو مدفون بأرض الغربة.
الرجل الصالح: يا رسول الله تعني الرضا(ع)؟
النبي(ص): قل صلى الله عليه وآله... صلى الله عليه وآله، صلى الله عليه وآله.
توفيق: شكراً لك يا سيدي البصري أنا ذاهب مع السلامة.
البصري: في امان الله مهلاً... مهلاً يا ولدي لا تستعجل، اعذرني لقد وصلت متأخراً اليك حيث سمعت انك جئت الى هنا للاستماع الى كرامات بل معجزات المشهد الرضوي الشريف.
توفيق: نعم يا سيدي وهو كذلك كما سمعت...
ابو النصر: أنا ابو النصر المؤذن النيسابوري.
توفيق: اهلاً وسهلاً يا سيدي.. انا اتشرف بمعرفتك.
ابو النصر: انت الشرف يا ولدي... ولكني أحب ان احدثك عن معجزة حصلت لي عند هذا المشهد الشريف...
توفيق: على الرحب والسعة، وبكل سرور يا سيدي، تفضل يا أبا النصر.
ابو النصر: لقد أصابتني علة شديدة ثقل معها لساني، فلم أقدر على الكلام... فخطر ببالي أن أزور مشهد الرضا(ع) وادعو الله تعالى عنده، وأجعله شفيعاً اليه.
توفيق: ونعم ما خطر على بالك يا سيدي أبا النصر.
ابو النصر: فذهبت وقمت عند رأسه الشريف وصليت ركعتين وسجدت وكنت في الدعاء مستشفعا بصاحب هذا القبر الى الله عزوجل ان يعافيني من علتي ويحل عقدة لساني.
توفيق: انعم واكرم به من شفيع...
ابو النصر: فأطلت في سجودي حتى اخذني النوم... فرأيت في المنام كان القبر قد انفتح وخرج منه رجل كهل اسمر... فدنا مني وقال: يا ابا النصر، قل لا اله الا الله.
فاشرت اليه: كيف اقول ذلك ولساني منعقد. فصاح علي...
الرضا(ع): اتنكر لله قدرته؟ قل لا اله الا الله...
فقلت: لا اله الا الله...
توفيق: ما شاء الله وانطلق لسانك بها يا أبا النصر.
ابو النصر: نعم يا ولدي فوالله لم ينعقد لساني بعدها قط.
ولازالت الكرامات الالهية تظهر من هذا القبر المقدس كل يوم وقد تحول قبر غريب طوس الى مزار معظم يتوافد عليه ملايين المؤمنين كل عام يلتمسون بزيارة غريب الغرباء التقرب الى الله عزوجل بتكريم اوليائه والتقرب الى نبي الرحمة بالتعبير عن مودتهم لعترته صلوات الله عليهم اجمعين، فتحيطهم في زياراتهم الرحمات الالهية والالطاف الربانية التي تزيد في كل مرة من شوق معاودة زيارة غريب طوس. رزقنا الله واياكم دوام زيارته وعظيم شفاعته. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******