السلام عليكم أيها الأطائب ورحمة الله، طابت أوقاتكم بكل بهجة ورحمة، معكم في لقاء اليوم مع معالي الأخلاق، نتناول فيها خلق طيب التعامل بالحسنى مع عموم الخلق.
وهذا من الأخلاق الفاضلة التي دعتنا لها كثير من النصوص الشريفة، منها قوله عز من قائل في الآية الثالثة والثمانين من سورة البقرة؛
"وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنا"
وواضح من الآية الكريمة أن الله تبارك وتعالى يأمر بأعلى درجات التعامل بالحسنى والإحسان مع فئات خاصة من الناس كالوالدين والأرحام والأيتام والمساكين ثم يأمر بالتعامل بالحسنى مع سائر الناس.
روي في تفسير مجمع البيان عن إمامنا الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى "وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً" قال: "قولوا للناس أحسن ما تحبون أن يقال لكم فإن الله يبغض اللعان السباب الطعان على المؤمنين الفاحش المتفحش السائل الملحف ويحب الحليم العفيف المتعفف".
ويستفاد من الأحاديث الشريفة أن مصاديق قوله عزوجل "وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً" لا تنحصر بالأقوال، بل تشمل الأفعال أيضاً، فقد روي في تفسير العياشي أن أحد أصحاب الإمام الصادق سأله: أطعم سائلاً لا أعرفه مسلماً؟ فأجابه (عليه السلام) قائلاً: نعم، أطعمه ما لم تعرفه بولاية ولا بعداوة إن الله يقول "وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً".
وروى ثقة الإسلام الكليني في كتاب أصول الكافي مسنداً عن مولانا الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) قال ضمن حديث مطول:
".. إن الله تبارك وتعالى فرض الإيمان على جوارح بني آدم وقسمه عليها وفرقه فيها وفرض الله على اللسان القول والتعبير عن القلب بما عقد عليه وأقر به"، قال الله تبارك وتعالى "وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً".
ويستفاد من هذا الحديث أن طيب الكلام مع الناس عموماً هو أحد مصاديق التعامل بالحسنى الذي دعتنا له النصوص الشريفة.
وروى العلامة الفقيه إبن إدريس الحلي في كتاب السرائر عن إمامنا الصادق (عليه السلام) قال: "أوصيكم بتقوى الله ولا تحملوا الناس على أكتافكم فتذلوا، إن الله عزوجل يقول في كتابه "وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً"" ثم قال: "عودوا مرضاهم وأحضروا جنائزهم وأشهدوا لهم وعليهم وصلوا معهم في مساجدهم حتى يكون التمييز".
وواضح، مستمعينا الأطائب، في قول مولانا الصادق "ولا تحملوا الناس على أكتافكم فتذلوا" أن خلق التعامل بالحسنى مع عموم الناس حتى المخالفين سبب لدفع الأذى والمذلة، كما أنه وسيلة لتمييز أهل الصلاح من خلال طيب تعاملهم مع الناس، فتنجذب القلوب إليهم وتتورع عن معاداتهم ويعرفون صحة منهجهم بذلك... جعلنا الله وإياكم منهم إنه سميع مجيب.
أعزاءنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران وبهذا ننهي لقاء اليوم من برنامج معالي الأخلاق تعرفنا فيه الى خلق التعامل بالحسنى مع عموم خلق الله، شكراً لكم وفي أمان الله.