السلام عليكم أحبتنا ورحمة الله، على بركة الله نلتقيكم في جولة، قصيرة في رياض الأخلاق الفاضلة، حيث نتدبر معاً في النصوص الشريفة التي تدعونا للتخلق بأحد أسمى أخلاق المتخلقين بأخلاق الله ورسوله وأهل بيته الطاهرين- صلوات الله عليهم أجمعين، إنه خلق (العفو عن الناس)،كونوا معنا مشكورين.
نتابع أيها الأعزاء ما بدأناه في الحلقة السابقة من التدبر في الآيات الكريمة التي تأمرنا بالتحلي بهذا الخلق الكريم وهي كثيرة، منها ما يبشر المؤمنين بأن هذا الخلق وسيلة للفوز بغفران الله ورحمته، قال عزّ من قائل في الآية الثانية والعشرون من سورة النور: "وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ".
وتهدينا آيات سورة الفرقان الى أن العفو عن إساءات الجاهلين هي من صفات عباد الرحمان قال جل جلاله في الآية الثالثة والستين من هذه السورة:
"وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً".
وهذا ما يخاطب الله جل جلاله به نبيه الأكرم – صلى الله عليه وآله- في الآية التاسعة والتسعين بعد المئة من سورة الأعراف حيث يقول:
"خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ".
وقال تبارك وتعالى يخاطب حبيبه المصطفى- صلى الله عليه وآله- في الآية خمس والثمانين من سورة الحجر مشيراً الى آثار العفو الاخروية:
"وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ".
مستمعينا الأفاضل، وتصرح طائفة أخرى من الآيات الكريمة بأن للعفو أجرا عظيما تبلغ عظمته مرتبة أن ينسب الى الله مباشرة، يبين الله عزوجل صفات المتوكلين في الآيات السادسة والثلاثين الى الثلاثة والاربعين من سورة الشورى، فيشير في جانب منها الى أن من صفاتهم العفو والسعي لإصلاح المسيئين وليس معاقبتهم، وأن من يتحلى بهذا الخلق يكون أجره على الله جل جلاله وأن العفو هو من عزم الأمور في إشارة الى كونه من معالي الأخلاق، قال عزّ من قائل في بعض آيات هذا المقطع:
"…وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ{۳٦} وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ{۳۷}… وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ{٤۰} وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ{٤۱}".(سورة الشورى)… الى قوله تعالى، ولمن صبر وغفر إن ذلك من عزم الأمور
مستمعينا الأكارم، والعفو هو الحسنة التي تدرأ بها السيئة كما يشير لذلك قوله جل جلاله في الآية الرابعة والخمسين من سورة القصص:
"أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ".
وقال عز من قائل في الآيتين الرابعة والثلاثين والخامسة والثلاثين من سورة فصلت: "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ{۳٤} وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ{۳٥}". (صدق الله العلي العظيم).
وبهذا ينتهي اعزاءنا لقاء اليوم من برنامجكم معالي الأخلاق إستمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران…دمتم بكل خير وفي أمان الله.