يا نفس يا نفس؛ اراك تخشين وفي كل حين ان يراك احد من الناس على ما تكرهين، واراك تحرصين أن يروك وفي كل حين بالحالة التي تحبين... والله يا نفس هو اسمع السامعين وابصرين الناظرين، فكيف لا تخشين أن يراك في حال العاصين وهو جبار السموات والارضين، هل ترينه تبارك وتعالى أهون الناظرين؟
يا نفس فاتقي في الخلوات المآثم فإن الشاهد هو الحاكم، واستمعي لوصية لقمان لابنه حيث قال: إذا اردت أن تعصي مولاك، فأطلب مكاناً لا يراك!
يا نفس يا نفس، إن اعقل الناس، محسن يعد نفسه من الخائفين وأجهلهم مسيء يعد نفسه من الآمنين.
يا نفس انهاك، عن ان ترضي غير الله بمعصيته فإنه يحميك من كل غضب وسخط بقدرته، ولا يحميك شيء منه اذا انزلت بك سخطته! فاذكري يوم مصرعك بين يدي اهلك، فلا طبيب يمنعك ولا حبييب ينفعك:
عاتبت نفسي وقلت الشيب انذرني
وانت يا نفس عنه اليوم في صمم
يا نفس يا نفس، ها هي الدنيا وقد ارتك مضاجع آبائك من الثرى ومنازل امهاتك من البلى، كم مرّضت منهم بكفيك وعالجت آلامهم بيديك تبتغين لهم الشفاء وتستوصين لهم الاطباء، فكيف ترين مصارعهم ولا تفكرين بمصرعك؟!
فيا نفس إن الموت أعظم واعظاً
وقد نشبت يا نفس فيك مخالبه
إذا ما دجا ليل رجونا صباحه
ولم نعلم الا صباح ماذا عواقبه
ونحرص في الدنيا على الرزق جهدنا
وليس يفوت المرء ما الله كاتبه
تخادعنا الآمال وهي كواذب
وقد يخدع الانسان من هو كاذبه
ويفجؤنا ريب المنون بغرة
كما فجأت ملك الزمان نوائبه