فتظاهر بالتقرب والميل إلى العلويين باعتبارهم أصحاب حق بالخلافة، فأسند ولاية العهد إلى الإمام الرضا (عليه السلام) واستبدل شعار العباسيين بشعار العلويين وذلك (عام ۱۹۳هـ) وأمر ببناء قبر الحسين (عليه السلام) وفسح المجال للعلويين وغيرهم بالتنقل وزيارة قبور الأئمة، فتنفس الشيعة نسيم الحرية وعبير الكرامة وذاقوا طعم الاطمئنان.
ففي عهد المأمون أعيد البناء على القبر الشريف، وأقيم عليه بناء شامخ بقي على هذه الحال إلى سنه (۲۳۲ هـ) حيث جاء دور المتوكل العباسي الذي دفعه حقده وناصب ـيته لأهل البيت (عليهم السلام) إلى تضييق الخناق على الشيعة وشدد عليهم النطاق، فقد أمر بتتبع الشيعة ومنعهم من زيارة قبر الحسين (عليه السلام) ولم يكتف بوضع المسالح ومراقبة الزائرين ومطاردتهم مطارده شديدة دامت طيلة خمس عشرة سنة من حكمه، بل أمر بهدم قبر الحسين (عليه السلام) خلال تلك الفترة أربع مرات وكربه وخرّبه وحرثه وأجرى الماء على القبور.
أورد الطبري في حوادث (سنة ۲۳٦ هـ) أن المتوكل أمر بهدم قبر الحسين (عليه السلام) وهدم ما حوله من المنازل والدور ومنع الناس من إتيانه، فذكر أن عامل الشرطة نادى في الناحية من وجدناه عند قبره بعد ثلاثة أيام بعثناه إلى المطبق (وهو سجن تحت الأرض) وهرب الناس وأقلعوا من المسير إليه، وحرث ذلك الموضع وزرع ما حواليه (۱) وفي رواية أوردها الطوسي في الأمالي عن عبد الله بن دانيه الطوري قال: حججت سنة ۲٤۷هـ فلما صدرت من الحج إلى العراق زرت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على حال خفية من السلطان، ثم توجهت إلى زيارة الحسين (عليه السلام) فإذا هو قد حرث أرضه وفجّر فيها الماء وأرسلت الثيران والعوامل في الأرض، فبعيني وبصري كنت أرى الثيران تساق إلى الأرض فتساق لهم، حتى إذا حاذت القبر حادت عنه يميناً وشمالاً فتضرب بالعصي الضرب الشديد فلا ينفع ذلك، ولا تطأ القبر بوجه فما أمكنني الزيارة، فتوجهت إلى بغداد وأنا أقول:
تــــالله إن كانـت أميـة قــــد أتـــت
قـتــل ابن بنـت نبـــــيها مظـلــــوم
فلقـد أتــــــاه بنـــــو أبـــــيه بمـثله
هـــذا لعمــرك قبـــــــره مهــــدوم
أســـفوا على أن لا يكونوا شاركوا
في قـتـــله فتـــتبعـوه رميـــــــــــم
ولما وصلت بغداد سمعت الهائعة فقلت: ما الخبر؟ قالوا سقط الطائر بقتل المتوكل، فعجبت لذلك وقلت إلهي ليلة بليلة (۲).
*******
(۱) تاريخ مرقد الحسين والعباس (عليهما السلام): ص۷٦؛ نقلاً عن تاريخ الطبري: ج۱۱، ص٤٤.
(۲) تاريخ مرقد الحسين والعباس (عليهما السلام) تاريخ مدينة الحسين عليه السلام ج۱، ص۲۳.
*******
المصدر: موقع http://www.imamhussain.org.