يا نفس يا نفس، ما تقولين في مريض قد غمرته الاسقام والالام، وحرمته الرقاد والمنام، فأشار عليه الاطباء بترك الماء البارد ثلاثة ايام ليصح حاله ويتهنأ بشربه بعدها مدى الاعوام.
أفلا يحكم العقل بان يصبر عن بارد الماء هذه الايام القليلة لكي يهنأ بعدها بشربه سنين طويلة؟
يا نفس صبراً على ما كان من ضرر
فرب منفعة يأتي بها الضرر
قد كنت احذر ما القاه من نكد ٍ
لو كان ينفعني في مثله الحذر
يا نفس يا نفس، ليت شعري، هل ان الم الصبر عن الشهوات وكظم الغيظ عن محرم العقوبات أعظم شدة واطول مدة؛ أم آلام عذاب النار التي سجرها للعاصين جبار السموات؟
فما بالي أراك تحتمين من الحر والبرد في الصيف والشتاء ولا تحتمين بترك المعاصي من عذاب النار وغضب القهار؟!
يا نفس؛ ان من لا يطيق الصبر في الدنيا على قضاء الوطر كيف يصبر في الآخرة على حرّ سقر؟
لهول يوم الحشر في أضلعي
تضرّم تلهبه أدمعــي
يا نفس يا نفس له فأجزعي
يا نفس يا نفس؛ هلا تفكرت فيما قاله الصادق الامين حبيبي وحبيبك المصطفى وهو ينصح برأفة الشفيق صاحبه ابن مسعود حيث قال (صلى الله عليه وآله): يا بن مسعود، لا تحقرّن ذنباً ولا تصغرنه واجتنب الكبائر فإن العبد إذا نظر يوم القيامة الى ذنوبه دمعت عيناه قيحاً ودماً، يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا.
فبادري يا نفسي الحبيبة الى التوبة وإحمي بذلك عيني من أن تدمع بالقيح والدم يوم لا تنفع توبة ولا ندم.