يا نفس يا نفس، اعلمي ان النهار والليلة اربع وعشرون ساعة فأشتغلي فيها بالطاعة، مراقبة حضور العليم الخبير، مستورة بالحياء من معصية المنعم القدير... متحصنة بالتقوى من غضب القهار متوسلة اليه بمحبة المختار ومودة آله الاطهار.
يا نفس يا نفس، اديمي الفكرة واستمطري العبرة بما ورد في الخبر عن حبيبنا سيد البشر، يوم تحدث عن مشاهد القيامة فأخبر أنه يُنشر للعبد عن كل يوم من عمره اربع وعشرون خزانة بعضها مليئة منيرة وبعضها فارغة مظلمة وبعضها مليئة مرعبة.
إذا فُتحت خزانة الحسنات نال صاحبها من السرور والبهجة والحبور ما لو وُزع على اهل النار لأنساهم الشقاء وعذاب دار البوار، يا نفس فكيف تغفلين عن مثل هذه الانوار؟
وإن فُتحت خزانة العصيان والغيبة والبهتان غشي صاحبها من نتنها وظلامها وشرها وآلامها ما لو قسم على اهل الجنة والنعيم لنغّص عليهم السعادة والتنعيم... يا نفس فكيف لا تخشين مثل هذا البوار؟
وإن فتحت الفارغة من الاعمال المظلمة بالتكاسل والاهمال، لحق صاحبها الحزن العظيم على خلوها من موجبات الثواب المقيم، وإشتملت عليه حسرات النفس اللوامة يوم لا ينفع ندم ولا ندامة.
يا نفس يا نفس، فإن شئت النجاة من الحسرة والملامة، وإن رغبت في منازل دوام السعادة والكرامة، فأعينيني على محاسبتك اليوم قبل يوم القيامة؛ أما سمعت صادق الصادقين جعفر بن محمد عليه السلام حيث أوصانا قائلاً: إذا آويت الى فراشك فانظر ما سلكت في بطنك وما كسبت في يومك، وأذكر انك ميت وأن لك معاداً.