باعتبار أن الذي قام بتشييدها السلطان معز الدين أويس ابن الشيخ حسن الجلائري بن حسين بن أيليعا بن سبط أرعون بن الغابن هولاكو خان الذي تولى في (عام ۷٥۷ هـ) سلطة العراق بعد أخيه السلطان حسين الصغير، وبنى حرم الإمام الحسين (عليه السلام) وأقام عليه قبة على شكل نصف دائرة محاطة بأروقة كما هو عليه الحال اليوم، وقد بوشر بالعمل في (عام ۷٦۷ هـ) وأكمله ابنه أحمد بن أويس (سنه ۷۸٦ هـ) فقد كان الواقف عند مدخل باب القبلة من الخارج يشاهد الضريح والروضة بصورة واضحة وجليّه، كما شيّد البهو الأمامي للروضة الذي يعرف بإيوان الذهب، ومسجد الصحن حول الروضة على شكل مربع، واعتنى عناية فائقة بزخرفة الحرم من الداخل والأروقة بالمرايا والفسيفساء والطابوق القاشاني. كما أمر السلطان أحمد الجلائري بزخرفة المئذنتين باللون الأصفر من الطابوق القاشاني، وكتب عليها تأريخ التشييد وهو (عام ۷۹۳ هـ).
وبقيت هذه العمارة على القبر الشريف حتى يومنا هذا، ولكن الترميمات مستمرة على الروضة الحسينية عبر السنين المتعاقبة،لاسيما بعد الدمار الشامل الذي تعرضت له مدينة كربلاء المقدسة إبّان الانتفاضة الشعبانية عام (۱۹۹۱م) إثر تعرضها للقصف العشوائي بالمدافع والدبابات والطائرات العمودية، التابعة للحرس الجمهوري بقيادة صهر الرئيس العراقي المخلوع حسين كامل، وخلّف ذلك القصف فجوة في قبة سيدنا العباس (عليه السلام)، وانهيار سوري الصحن الحسيني والعباسي في بعض أجزاءه، وتصدّع الجدران الداخلية للمرقدين الشريفين.
وما أشبه اليوم بالبارحة، فأن التاريخ أثبت لنا بالدليل القاطع أن كل من يشترك بقتل وظلم الإمام الحسين (عليه السلام)، فأن الله سبحانه ينتقم منه في الدنيا شر انتقام، ناهيك عن خزي الآخرة وعذابها الذي لا يبور، عمر بن سعد الذي اقترف جريمته النكراء بقتله الحسين (عليه السلام) طمعاً بملك الري، لم يقف جرمه إلى ذلك الحد، بل تعداه إلى أن وصل به الحال أن يطلب من أصحابه قائلاً: عليّ بالنار لأحرق بيوت الظالمين على أهلها! وهكذا أضرم النار في خيام أهل بيت النبوة، وبالرغم من كل تلك الانتهاكات والمآثم، فأنه لم ولن يحصل على ضالته المنشودة، بل أن الصحابي الجليل المختار بن يوسف الثقفي، وبعد مرور أربع سنوات من الحادثة المؤلمة، قد أذاقه وبال أمره، إذ قتله وشلته المجرمة شر قتلة، وألقى بهم جميعاً في مزبلة التاريخ، كذلك حسين كامل عندما اقتحم جيشه كربلاء المقدسة بعد الانتفاضة الشعبانية المباركة، وقف أمام باب قبلة الإمام الحسين (عليه السلام) ونادى بأعلى صوته مخاطبا الإمام بقوله: أنت حسين وأنا حسين، لنرى أياً منا قد انتصر على الآخر، كل ذلك حصل طمعاً بالجائزة والمناصب العليا من سيده صدام، بيد أن الذي حصل وبعد أن استفحل النزاع بينه وبين أزلام نظامه على السلطة، وتفاقمت الأزمات عليه من كل حدب وصوب، ما حدى به الهرب إلى الأردن طلبا للشهرة والأمان، ولكنه انخدع بأمان سيده وقفل راجعا إلى العراق بعد أربعة أشهر عجاف قضاها في الغربة، وما كان يدري أن سيف البغي الذي أسلطه على رقاب أتباع الحسين (عليه السلام) في العراق، قد كان بانتظاره على الحدود العراقية الأردنية حيث فتك به بعد أن أوثقوه كتافاً إلى بغداد، وبأيدي أسياده الظلمة الذين تمرد عليهم برهة من الزمن، ولن تتشفع له ندامته على ذلك! وهكذا كان مصداقاً للمثل القائل: من سل سيف البغي قُتلَ به.
*******
المصدر: موقع http://www.imamhussain.org.