من التناقضات العجيبة والفاضحة التي يقع فيها دعاة التكفير هو انهم يكفرون من يجاهر بالشهادتين مع اقرارهم بصحة الاحاديث النبوية المصرحة بحرمة دم من يشهد - ولو بلسانه - بالشهادتين، وهي احاديث واضحة دفعت علماء المسلمين بالافتاء بكل وضوح بمضمونها. فمثلاً قال مفتي مصر فضيلة الشيخ علي جمعة:
المسلم الذي يشهد بلسانه الشهادتين يعصم نفسه وماله ويسمى عند اهل الحق جميعا بالمسلم الصعب، لانه يصعب اخراجه عن الملة، الا اذا اتى بشيء من المكفرات قاصدا عالما مختارا، كتصريحه بأنه ليس مسلم، او انه ينكر وجود الله، او احقية رسالة النبي (صلى الله عليه وآله)، او احقية القران الكريم او انه ليس نازلاً من عند الله، او يسجد للصنم، او يستحل زنا المحارم، او غير ذلك من البلايا التي لا يقول بها مسلم من اهل القبلة.
كما ان من اهم عوامل فتنة التكفير هم الائمة المضلون الذين يفتون بغير علم، وقد حذر منهم مراراً النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) في احاديث كثيرة روتها كثير من الكتب المعتبرة عند المسلمين.
ولذلك فقد افتى علماؤهم بكل وضوح بعدم صلاحية الذين يفقدون العدالة والعلم للافتاء، وقد نقلنا جملة من هذه الفتاوي في حلقات سابقة وننقل ما قاله فضيلة الشيخ علي جمعة بهذا الخصوص، قال:
ثالثاً: من شروط المفتي ان يكون مسلماً عاقلا بالغا عدلا وان يكون مجتهدا، والاجتهاد هو: بذل الجهد في استنباط الحكم الشرعي من الادلة المعتبرة، لقوله تعالى: «قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ».
قال الشافعي - فيما رواه عنه الخطيب-: «لا يحل لاحد ان يفتي في دين الله، الا رجلاً عارفاً بكتاب الله: بناسخه ومنسوخه. ومحكمه ومتشابهه، وتأويله وتنزيله، ومكيه ومدنيه، وما أريد به، ويكون بعد ذلك بصيراً بحديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويعرف من الحديث مثل ما عرف من القرآن».
*******