وهو من خزاعة، وخزاعة حلفاء بني هاشم بن عبد مناف إلى عهد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وكانوا بني بكر حلفاء قريش (وكان الأصل في مولاة خزاعة إن بني هاشم في الجاهلية كانوا تحالفوا مع خزاعة فاستمروا على ذلك في الإسلام).
إسلامه
نقل أنه أسلم بعد الحديبية ومنهم من قال انه اسلم بعد حجة الوداع.
وروي قال بعث رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) سرية فقال لهم إنكم تضلون ساعة كذا في الليل فخذوا ذات اليسار فأنكم تمرون برجل في شأن فتسترشدونه فيأبى إن يراكم حتى تصيبوا من طعامه فيذبح لكم كبشا فيطعمكم ثم يقوم فيرشدكم فأقروه مني السلام وأعلموه أني قد ظهرت في المدينة. فمضوا فضلوا الطريق فقال قائل منهم الم يقل لكم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يأسروا ففعلوا فمروا بالرجل الذي قال لهم إن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فاسترشدوه فقال لهم الرجل وهو عمرو بن الحمق: ظهر النبي بالمدينة؟ فقالوا نعم فلحق به ولبث معه ما شاء الله. ثم قال له رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ارجع إلى الموضع الذي منه هاجرت فإذا تولى أمير المؤمنين فأته. فانصرف الرجل حتى إذا تولى أمير المؤمنين الكوفة، أتاه فأقام معه بالكوفة.
مشاهده وبعض مواقفه
بعد إسلامه شهد مع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) مشاهده.
وشهد مع علي بن أبي طالب مشاهده كلها (الجمل وصفين والنهروان) وقد وضعه الإمام علي على الكمين في الجمل وصفي، وله أشعار في تلك المشاهد منها ما نادى يوم الجمل:
هذا علي قائد نرضى به
أخو رسول الله في أصحابه
من عودة النامي ومن نصابه
وقال في وقعة صفين:
تقول عرسي لما أن رأت أرضي
ماذا يهيجك من أصحاب صفينا
الست في عصبة يهدي الإله بهم
لا يضلون ولا بغيا يريدونا
فقلت إني على ما كان من سدر
أخشى عواقب أو سوف يأتينا
أدالة القوم في أمر يراد بنا
فاقني حياء وكفى ماتقولينا
ومن ذلك أيضا مارواه عمرو بن الحمق من طريق عبد الله بن شريك العامري قال: قام عمرو بن الحمق بصفين فقال: يا أمير المؤمنين أنت ابن عم نبينا وأول المؤمنين إيمانا بالله عز وجل.
وعند رفع المصاحف في صفين
قام عمرو بن الحمق فقال: يا أمير المؤمنين إنا والله ما اجبناك ولا نصرناك عصبية على الباطل ولا اجبنا إلا الله عز وجل ولا طلبنا إلا الحق ولو دعانا غيرك إلى ما دعوت إليه لاستشرى فيه اللجاج وطالت فيه النجوى وقد بلغ الحق مقطعة وليس لنا معك رأي.
جاء في الاختصاص حدثنا جعفر بن الحسين عن محمد بن جعفر المؤدب عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه رفعه قال: قال عمرو بن الحمق الخزاعي لأمير المؤمنين "والله ما جئتك لمال من الدنيا تعطينيها ولا لالتماس السلطان ترفع به ذكري إلا لأنك ابن عم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وأولى الناس بالناس وزوج فاطمة سيدة نساء العالمين (عليها السلام) وأبو الذرية التي بقيت لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وأعظم سهما للإسلام من المهاجرين والأنصار والله لو كلفتني نقل الجبال الرواسي ونزح البحور الطوامي أبدا حتى يأتي علي يومي وفي يدي سيفي أهز به عدوك وأقوي به وليك ويعلو به الله كعبك ويفلج به حجتك ما ظننت أني أديت من حقك كل الحق الذي يجب لك علي".
فقال أمير المؤمنين: "اللهم نور قلبه باليقين واهده إلى الصراط المستقيم ليت في شيعتي مائة مثلك"
وكان ملازما إلى أمير المؤمنين إلى آخر عمره كما جاء في البحار.
وعن عمرو بن الحمق قال دخلت على أمير المؤمنين حين ضرب على قرنه، فقال لي يا عمرو إني مفارقكم. ثم قال سنة السبعين فيها بلاء قالها ثلاثا فقلت فهل بعد البلاء رخاء فلم يجبني وأغمي عليه، فبكت أم كلثوم فأفاق فقال يا أم كلثوم لا تؤذيني فإنك لو قد ترين ما أرى لم تبكي. إن الملائكة في السماوات السبع بعضهم خلف بعض والنبيون خلفهم وهذا محمد (صلى الله عليه واله وسلم) آخذ بيدي يقول: انطلق يا علي فما أمامك خير لك مما أنت فيه. فقلتُ بأبي أنت وأمي قلتَ إلى السبعين بلاء فهل بعد السبعين رخاء؟ قال: نعم يا عمرو إن بعد البلاء رخاء "ويَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ".
مرتبته
عده الشيخ البرقي من شرطة الخميس.
وذكر ذلك الشيخ المفيد في الاختصاص (محمد بن الحسين عن محمد بن جعفر عن أحمد بن أبي عبد الله قال: قال علي بن الحكم أصحاب أمير المؤمنين الذين قال لهم تشرطوا فإنا أشارطكم على الجنة و لست أشارطكم على ذهب و لا فضة إن نبينا (صلى الله عليه واله وسلم) فيما مضى قال لأصحابه تشرطوا فإني لست أشارطكم إلا على الجنة وذكرهم وذكر منهم عمرو بن الحمق.
وأيضا جاء في الاختصاص (ذكر جعفر بن الحسين إن عمرو بن الحمق كان من أمير المؤمنين بمنزلة سلمان من رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم.
وذكر أيضا في الاختصاص انه كان من حواري مولانا الإمام علي في الحديث عن الإمام الكاظم "عليهما السلام".
وعده الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب أمير المؤمنين وأصحاب أبي محمد الحسن "عليهما السلام".
يقول السيد الخوئي فيما تقدم من الروايات (أقول إن ما تقدم من الروايات وان كانت كلها ضعيفة السند إلا أنها مستفيضة على إن جلالة عمرو بن الحمق من الواضحات التي لا يعتريها شك مضافة إلى إن شهادة البرقي على انه كان من شرطة الخميس فيها الكفاية.
دعوة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) له
قد حضي عمرو بن الحمق بدعوة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) بان يمتعه الله بشبابه كما جاء في الحديث.
عن يوسف بن سليمان عن جدته ميمونة عن عمرو بن الحمق انه سقا النبي (صلى الله عليه واله وسلم) لبنا فقال: اللهم متعه شبابه، فمرت به ثمانون سنة ولم تر له شعرة بيضاء.
خبر استشهاده
جاء في الاختصاص كان عمرو بن الحمق الخزاعي شيعة لعلي بن أبي طالب، فلما صار الأمر إلى معاوية انحاز إلى شهرزور من الموصل وكتب إليه معاوية: أما بعد فإن الله أطفأ النائرة وأخمد الفتنة وجعل العاقبة للمتقين ولست بأبعد أصحابك همه ولا أشدهم في سوء الأثر صنعا كلهم قد أسهل بطاعتي وسارع إلى الدخول في أمري وقد بطؤ بك ما بطؤ، فادخل فيما دخل فيه الناس يمح عنك سالف ذنوبك ومحي داثر حسناتك ولعلي لا أكون لك دون من كان قبلي إن أبقيت واتقيت ووقيت وأحسنت. فأقدم عليّ آمنا في ذمة الله وذمة رسوله محفوظا من حسد القلوب وإحَن الصدور وكفى بالله شهيدا.
فلم يقدم عليه عمرو بن الحمق فبعث إليه من قتله و جاء برأسه وبعث به إلى امرأته فوضع في حجرها، فقالت: سترتموه عني طويلا وأهديتموه إلي قتيلا فأهلا وسهلا من هدية غير قالية ولا مقلية. بلغ أيها الرسول عني معاوية ما أقول طلب الله بدمه وعجل الوبيل من نقمه فقد أتى أمرا فريا و قتل بارا تقيا، فأبلغ أيها الرسول معاوية ما قلت. فبلغ الرسول ما قالت، فبعث إليها فقال لها أنت القائلة ما قلت؟ قالت: نعم غير ناكلة عنه ولا معتذرة منه. قال لها: اخرجي من بلادي قالت. أفعل فوالله ما هو لي بوطن ولا أحن فيها إلى سجن ولقد طال بها سهري واشتد بها عبري وكثر فيها ديني من غير ما قرت به عيني. فقال عبد الله بن أبي: سرح الكاتب يا أمير المؤمنين إنها منافقة فألحقها بزوجها. فنظرت إليه فقالت: يا من بين لحييه كجثمان الضفدع ألا قلت من أنعمك خلعا وأصفاك كساء إنما المارق المنافق من قال بغير الصواب واتخذ العباد كالأرباب فأنزل كفره في الكتاب. فأومئ معاوية إلى الحاجب بإخراجها فقالت: وا عجباه من ابن هند يشير إلي ببنانه ويمنعني نوافذ لسانه أما والله لأبقرنه بكلام عتيد كنواقد الحديد أو ما أنا بآمنة بنت الشريد.