ينال الزائر قبر أبي عبد الله الحسين (عليه السّلام) من التحف والهدايا والبركات ما لا يحصى، يحملها معه إذا عاد الى دياره واهله. حتى وداعه في الزيارة له كرامة خاصة ودعاء مستجاب.
يعلمنا الامام الصادق (سلام الله عليه) في وداعنا مشهد سيد الشهداء (عليه السّلام) في كربلاء ان نقول في ضمن ما نقول: اللهم صلّ على محمد وآل محمد، ولا تجعله آخر العهد من زيارتي ابن رسولك، وارزقني زيارته ابداً ما ابقيتني. اللهم وانفعني بحبّه يا ربّ العالمين. اللهم ابعثه مقاماً محموداً إنك على كل شيء قدير. اللهم اجعل لي لسان صدق في أوليائك، وحبب الي مشاهدهم. اللهم صل على محمد وآل محمد ولا تشغلني عن ذكرك بإكثار عليّ من الدنيا تلهيني عجائب بهجتها، وتفتنّي زهرات زينتها، ولا بإقلال يضرّ بعملي كدّه، ويملأ صدري همّه. أعطني من ذلك غنىً عن أشرار خلقك، وبلاغاً أنال به رضاك يا رحمن. السلام عليكم يا ملائكة الله وزوّار قبر أبي عبد الله.
وتظلّ زينب الكبرى (صلوات الله عليها ركناً جوهرياً من أركان عاشوراء، وعماداً كبيراً من أعمدة كربلاء. تظلّ النداء الدامي، والصبر المحيّر، والعزم الراسخ، والقلب الذي تلوذ العوالم في إحدى زواياه. إنه (قلب زينب) بنت عليّ، وكفى به فخراً على مدى الأزمنة والدهور، اختار الشاعر المعاصر ضياء البدران (ابو يقين) ان يخاطب عقيلة الحقّ بأبيات منها هذا الخطاب:
قفي على هددات الليل وارتقبي
وأطلقي قبسات المشرق العذب
فكي القيود عن الدنيا، فقد أسرت
وحرّريها من الأدران والرّيب
يا مقلة الألق الوضاء، كم طربت
لك الربوع لما أبديت من وصب!
يا درّة حسد الياقوت معدنها
فازينت بسجايا المجد والحسب
ماذا عليك اذا أفصحت ثانية؟!
فكل رام سوى ما قلت لم يصب
نام الزمان على ذل فاوحشنا
تداركيه... فلولا أنت لم يثب
تطاول الخفر في عينيك أيسره
فخراً بأنك من نسل لخير أب
حملت صارمه لمّا نبا زمن
فاهتزّ برقاً لثار الله... كالذهب
ما أذهلتك الدواهي أن يقارعهم
منك اللسان لفضح الزيف والكذب
تلألأ الحق في دعواك، رافعة
صوت الإله بما قد جاء في الكتب
سطعت يا درّة الزهراء امرأة
فوق الرجال... كشمس العالم الرحب
لقد تجلى جميع الأنبياء بما
أطلقت من موقف لله منتسب
حيث الرسول تجلى والوصي ومن
طهر البتول، وعلياء من النسب
مم اغترفت؟! اكان البحر مورده
إذاً لجفّ، لما أغدقت من سحب
يا خير سارية بالأسر، قد ركبت
عزاً على الذكوات البيض والقتب
ما راعك القيد أنت السيف.. لا غمد
يحويك فوق دراري الكون والحجب
وذكرتنا بيوم السبط، اذ وقفت
عقيلة الحق بين الفقد والسلب
وكيف هاجت بها للوجد نائحة
وكيف راح حماها للقنا السلب
عن الكفيل الذي في العلقميّ قضى
كالبدر بين الرماح السمر والقضب
عن الرضيع وإذ يسقيه حرملة
كأس المنون بما يرويه من عطب
وعن مخيمها... والنار تلهبه
وقلبها كضرام الجمر واللهب
ضجّت الى جدّها تشكو، بما حملت
من شجوها، بحشى باك ومضطرب
تقلّدت من أساها دمعة، وحنت
فوق دموع الحزن والكرب
وقد أشاحت الى الباري بدعوتها
وقدست عزه في كل منقلب:
يار ب... هلا تقبلت الحسين فدىً
قربان اهل النهى من كل محتسب؟!