بقعة قدسية موصولة بطهر الملكوت، هي بقعة سيد الشهداء (صلوات الله عليه). تجري منها ينابيع الرحمة والمغفرة والمعرفة والرضوان. إنها رياض الجنة وحدائق الفردوس.
في نص إحدى الزيارات، يعلمنا الامام الصادق (عليه السّلام) ما نقول عند اتياننا البقعة الحسينية المنورة.
يقول (عليه السّلام): ثم انكب على القبر وقل: السلام عليك يا حجة الله وابن حجته. أشهد انك حجة الله وامينه وخليفته في عباده، وخازن علمه، ومستودع سره. بلغت عند الله ما أمرت به ووفيت وأوفيت، ومضيت على يقين شهيداً وشاهداً ومشهوداً، صلوات الله ورحمته عليك.
أنا يا مولاي وليك اللائذ بك في طاعتك، ألتمس ثبات القدم في الهجرة عندك، وكمال المنزلة في الأخرى بك. أتيتك بأبي أنت وأمي ونفسي ومالي وولدي زائراً، وبحقك عارفاً... متبعاً للهدى الذي أنت عليه، موجباً لطاعتك، مستيقناً فضلك، مستبصراً بضلالة من خالفك عالماً به، متمسكاً بولايتك وولاية آبائك وذريتك الطاهرين. ألا لعن الله امة قتلتكم وخالفتكم وشهدتكم فلم تجاهد معكم، وغصبتكم حقكم.
ليس لتفاصيل فاجعة عاشوراء من نهاية. إنها مرايا متكثرة متقابلة، يتداخل كل شيء فيها بكل شيء. ملحمة دموية مروعة وقعت على الارض، لكن أخبارها واسرارها متواشجة بالملأ الاعلى، الى أبعد حد، بل إلى حيث لا حدّ ولا سدّ.
يتحدث شاعر معاصر عن (رقية) في كربلاء، وفي مصائب السبي في الشام، وفي الطريق الصعب العنيف باتجاه الشام. ورقية صغيرة الحسين ذات السنوات الاربع، قد عاينت كل ما جرى، وعايشت كل ما جرى، فكانت لؤلؤة من العرش جرحت قلبها الملكوتي الغض سيوف اهل الارض، حتى لحقت بأبيها الشهيد المظلوم أطهر ما يكون الشهداء:
ورقية ... درّة من عالم الانوار
مأواها بتاج الابدية
شربها ماء طهور، نبعه في العرش
من دار الجلال الفاطمية
ولها الموطن اعلى من ذرى الفردوس
في فجر الحياة الأزلية
هبطت للارض نوراً- كأبيها
وأخيها –رحمة بالبشرية
فزعت في هدأة الليل وهبّت
وهي في النوم بشهقات بكية
ما الذي زاد ضناها الان، ماذا
أفزع القلب بلوعات شجية؟!
لم تذق في طيلة السبي هناءً
لا، ولا من نومة كانت هنيّة
وهي الليلة لمّا جاءها النوم
استفاقت ببكاء وأذيّة
ما الذي الآن رأيت... يا رقية؟!
حلم فيه طعام وشراب وهديّة؟!
أرأيت لعب الاطفال أنواعاً
وألواناً، وأيديك خلية؟!
أرايت الصبية الاغرار يلهون
وأنت في الخرابات سبية؟!
لم يكن من ذاك شيء وعلاها
إنها قد عاينت عمق القضية!
كربلا ليس تريد البعد عنها
كربلا في القلب تحيا والحنية
كربلا لا يهجر الحزن ثراها
أبداً في الصبح تبقى والعشية
كربلا في الارض تبقى والبرية
وستبقى في السماوات العليّة
قطعة من كربلا كانت رقية
وحسين ضمها للأبديّة
ما يزال الدم يغلي فوراناً
تسمع الاكوان في هول دويّة
فإذا ما أذن الله قريباً
لوليّ .. هو لله البقية
رجّ كل الارض صوت:
(يا لثارات الحسين المهدوية)
يأخذ الثأر انتصاراً، ويقاضيهم
على كل الديون الفاطمية