ومزاره (عليه السّلام) خزائن تحف سخية لا تنتهي، وينابيع خير وبركة تتحدّر من أعالي الملكوت، فيها من الله تبارك وتعالى: الهدى والنجاة والرضوان، فطوبى لمن فاز بعطايا من عطاء كربلاء.
في تعليم زيارة لأبي عبد الله الحسين (صلوات الله عليه) يقول الامام الصادق (عليه السّلام): تقول إذا انتهيت الى قبره (عليه السّلام):
السّلام عليك يا ابن رسول الله، السّلام عليك يا ابن امير المؤمنين، السّلام عليك يا ابا عبد الله، السّلام عليك يا سيّد شباب اهل الجنة ورحمة الله وبركاته.
السّلام عليك يا من رضاه من رضى الرحمن، وسخطه من سخط الرحمن. السّلام عليك يا أمين الله وحجة الله وباب الله، والدليل على الله، والداعي الى الله. اشهد أنك قد حللت حلال الله، وحرّمت حرام الله، وأقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر، ودعوت الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة. وأشهد أنك ومن قتل معك شهداء أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. وأشهد أنّ قاتلك في النار. أدين الله بالبراءة ممن قتلك، وممن قاتلك، وشايع عليك، وممن جمع عليك، وممن سمع صوتك ولم يعنك. يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا.
في قافية (حائية) تحكي بحة الصوت من النداء والعويل، ينشد علي بن حمّاد مرثيته الحسينية، مؤثراً فيها (سكينة) بنت الحسين بأغلب مشاهد القصيدة. هو ذا نداء ابن حمّاد من رثاة القرن الرابع:
دعني أنوح وأسعد النواحا
مثلي بكى يوم الحسين وناحا
يوم الحسين بكربلاء .. لعمره
أضنى الجسوم، وأتلف الأرواحا
وكسا الصباح دجى الظلام، فلا ترى
في يوم عاشورا سناً وصباحا
يا من يسرّ بيومه من بعده
لا نلت في كل الامور نجاحا
أنسيت سبط المصطفى في كربلا
فرداً تنافحه النصول كفاحا؟!
عطشان، تروي الكفر من أوداجه
حنقاً عليه اسنة وصفاحا
متزملاً بدمائه فوق الثرى
يكسوه سافي الذاريات وشاحا
مستشرفاً في رأس رمح رأسه
كالشمس.. يتخذ البروج رماحا
حتى إذا نظرت سكينة رأسه
في الرمح منتصباً عليها لاحا
صرخت وخرت في التراب وأقبلت
تبكي وتلعن رنة وصياحا
يا اخت وايتمي ويتمك بعده
ساء الصباح لنا الغداة صباحا
يا اخت، كيف يكون صبر بعده
فلقد فقدنا السيد الجحجاحا
لأجددن ثياب حزني حسرة
ولأجعلن لي البكاء سلاحا
ولأشربن كؤؤس تنغيصي له
ولأجعلن لي المدامع راحا
ولأجعلن غذاي تعديدي له
واشاركن بذلك النواحا
حتى اموت صبابة وتلهفا
وارى جفوني بالدموع قراحا
يا آل احمد... يا مصابيح الهدى
تهدون مصباحا به مصباحا
الله شرفكم وعظم قدركم
فينا، واوضح امركم ايضاحا
وهو القديم، وانتم البادون... لم
تزلوا بجبهة عرشه اشباحا
اوحى بفضلكم القرآن وقبله
التوراة، والانجيل، والالواحا
واقام كنز الرزق بين عباده
بكم، وصيّر حبكم مفتاحا
من ذا يقدر قدركم، وصفاتكم
تفني المديح وتعجز المداحا؟!