تربته (صلوات الله عليه) تربة نورانية مجبولة من عالم الملكوت وتلك مزيّة وهدية من الله تبارك وتعالى لحبيبه الحسين.
عن الامام الصادق (عليه السلام) أنه قال: إنّ طين قبر الحسين (عليه السلام) مسكة مباركة؛ من أكله من شيعتنا كان له شفاء من كل داء. فاذا أكلت من طين قبر الحسين (عليه السلام) فقل: اللهم اني اسألك بحق الملك الذي قبضها، وبحق النبي الذي خزنها، وبحق الوصيّ الذي هو فيها، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل لي فيه شفاء من كل داءٍ، وعافية من كل بلاء، وأماناً من كل خوف، برحمتك يا ارحم الراحمين، وصلى الله على محمد وآله وسلم.
وتقول ايضاً: اللهم اني اشهد ان هذه التربة تربة وليك صلى الله عليه، واشهد انها شفاء من كل داء، وأمان من كل خوف لمن شئت من خلقك ولي برحمتك، وأشهد أنّ كل ما قيل فيهم هو الحق من عندك، وصدق المرسلون.
في القرن الرابع يحكي ابن حماد عن آداب زيارة ابي عبد الله الحسين (عليه السلام) في كربلاء، بأسلوب ملئ بالدعوة الى هذه الزيارة والحث عليها:
فابكهم ايها المحب وناصرهم
بكثر البكا، وكثر المزار
لو درى زائر الحسين بما
أوجبه ذو الجلال للزوار!
فله عفوه ورضوانه عنهم،
وحطُّ الذنوب والاوزار
وتناديهم الملائك: قد أعطيتم
الامن من عذاب النار
ويقول الاله جل اسمه الاعلى
لمن يهبطون في الاخبار:
بشروهم بأن اوليائي
في اماني وذمتي وجواري
وخطاهم محسوبة حسناتٍ
وخطاهم عفو من الغفار ِ
وعليه اخلاف ما انفقوه
الضِّعف من درهم ٍ ودينار ِ
فاذا زرته فزره بإخباتٍ
ونسك وخشية ووقار ِ
وادع من يسمع الدعاء من
الزائر، في جهرةٍ وفي اسرار
ثم طف حول قبره والتثم
تربة قبر ٍٍ مُعظم المقدار ِ
فيه ريحانة النبي حسين
ذلك الطهر خامس الاطهار
وهو خير الورى أباً ثم أماً
وابو السادة الهداة الخيار ِ
جده المصطفى، ووالده الها
دي عليٌّ .. من مثله في الفخار؟!
وفي سياق خاص بتربة سيد الشهداء الطاهرة، يحكي معاصر من شعراء الولاء ـ على لسان الصديقة الصغرى الحوراء زينب سلام الله عليها ـ عن مسبحة اتخذتها من تراب الشهادة الحسينية من ارض كربلاء المقدسة:
وسجدت للمعبود شكرا خالصاً
من كل رين .. فالبلاء استعظما
واخذت من ترب الشهادة خالصاً
وعجنتها بالدمع يهطل مُسجما
وصنعت حبات تلألأ نورها
مئة ً، وشاهوداً يفرَّد سلما
ونقشت اسماء الجلالة دعوة
باسم الحسين نظامها قد احكما
ونظمت مسبحتي بخيط ازرق ٍٍ
من غزل فاطمة لأنوار السما
تسبيحة الزهراء زهرة ذكرنا
وغدت لآلام المصيبة مرهما
تكبيرها احصى بجسم قتيلنا
طعناته بـ (الله اكبر من حمى)
تحميدها أحصى جروح سيوفهم
حمداً لمن ملك الفؤاد وهيَّما
تسبيحها أحصى غزير نبالهم
سبحان ربيّ امن سواه قد رمى!
فسجدت ثانية، وقلبي قد رأى
ثغر الحسين مبضّعاً متبسما