وقدس الحسين (عليه السلام) جامع لمعاني العبودية الخالصة لله تبارك وتعالى، حمداً وقرباً ورضواناً. والله سبحانه وتعالى يهب عبده الصادق الصدوق كل ما يشاء، كيفما يشاء. ولقد غدا مزار السبط الشهيد المظلوم مركزاً علوياً هو مهوى الافئدة، ومعدن الكرامة، ومنبع الخير والعطاء؛ فإن ّ في خزائن الحسين صلوات الله عليه مالا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
في كتاب (كامل الزيارات) الموثق الجليل، عن عبد الله بن مسكان، قال: شهدت ابا عبد الله (الصادق) (عليه السلام) وقد أتاه قوم من اهل خراسان، فسألوه عن اتيان قبر الحسين بن عليّ عليهما السلام وما فيه من الفضل.
قال (عليه السلام): حدثني أبي عن جدي، انه ان يقول: من زاره يُريد وجه الله، أخرجه الله من ذنوبه كمولود ولدته امه، وشيَّعته الملائكة في مسيره، فرفرفت على رأسه. قد صفُّوا بأجنحتهم عليه، حتى يرجع الى اهله، وسألت الملائكة المغفرة له من ربه، وغشيته الرحمة من اعنان السماء، ونادته الملائكة: طبت وطاب من زرت، وحفظ في اهله.
يختارون الارتباط القلبي بسيد الشهداء، فيُفلحون. إنهم شعراء المرثية الحسينية. جعلوا الشهيد المظلوم صلوات الله عليه من همهم، ففازوا. وطوبى لمن غدا الحسين (عليه السلام) همّه. وكان علي بن حمّاد (من القرن الرابع) ممن أكثروا من القول في يوم الحسين بكربلاء. ومن قوله هذه العينية الملتاعة الغارقة في الاسى العاشورائي المنوِّر:
كفاك بخير الخلق آل محمد
أصابهم سهم المصائب أجمعا
وقفت على ابياتهم .. فرأيتها
خراباً يباباً قفرة الجوِّ، بلقعا
وإن لهم في عرصة الطف وقعة
تكاد لها الاطواد أن تتزعزعا
غزتهم بجيش الحقد أمة جَدِّهم
ولم ترع فيهم من لهم كان قد رعى
فبادر اصحاب الحسين اليهم
فرادى ومثنى، حاسرين ودُرَّعا
إذا ما دنوا نحو الشريعة من ظماً
رأوا دونها زرق الاسنةِ شُرَّعا
لقد صبروا، لا ضيع الله صبرهم
ولم يك عند الله صبر مضيعاً
الى ان ثوواصرعى على الترب حوله
فلله ذاك المصرع الفذ مصرعا
فهاجوا على المولى، وقد ظلّ وحدهُ
فقل: حمر لاقت هزبراً سُميدعا
يشد عليهم شدّة علوية
يظلُّ نياط القلب منها مُقطعاً
كشد ابيه في الهياج وضربه
وهل تلد الشجعان الا المشجعا؟
الى ان هوى عن سراجه متعفرا
يلاحظ فسطاط النساء، مودعا
واقبل شمرالرجس، فاحترراسه
وخلف منه الجسم شلوا مبضعا
وشال سنان في السنان كريمة
كبدر الدجى وافى من التم مطلعا
ومالوا على رحل الحسين واهله
فيا يومهم .. ماكان ادهى وافظعا!
فياليت سمعي صم عن ذكر يومه
ويا ليت لم يترك لي الحزن مدمعا
برئت الى الرحمن ممن شناهم
ولا زلت ابكيهم .. الى ان اشيعا
ومن ذايلاحيني، ومن ذايلومني
على بغض من يشناالشفيع المشعفا؟!
ولائي لهم شفع البرا من عدوهم
لذلك ارجوهم غداً لي شفعاً
اوالي الذي سمي ـ لكثرة علمه ـ
بطينا، كماسمي من الشرك انزعا
واشنا الذي لم يقض حق محمد
واجمع ان تلغى الحقوق وتمنعا