شاء الله تبارك وتعالى لسيّد الشهداء الحسين بن عليّ(ع) أن يكون متفرداً في كل شيء... كرامة ً منه سبحانه وفضلاً. حتى البكاء على مصيبته له شأن خاصّ.
يقول الامام الصادق(ع): إنّ البكاء والجزع مكروه للعبد في كلّ ما جزِع... ما خلا البكاء على الحسين بن عليّ عليهما السلام؛ فإنه فيه مأجور.
وهذا الاجر الذي يبشّر به الامام الصادق الباكين بالدمع على الحسين، مما لم يُعيِّن قدره على نحو القطع؛ لعِظم هذا الاجر وكثرته..فمنه غفران الذنوب، ومنه إعطاء أجر الحجّ مرّات، ومنه دخول الجنة، ومنه غير ذلك.
نتعلم عظم هذا الثواب من قول الامام الصادق عن الدمع والبكاء، وأجلاه ما كان على الحسين.
يقول(ع): لكل شيء ثواب، إلا الدمعة فينا اي: لكل شيء ثواب مقدرّ، إلا ّ هذه الدمعة فما لثوابها من حدّ.
هذه رائعة من المراثي تفجر بها قلب السيد الشريف الرضي، نقيب الطالبيين في العراق ابان القرن الرابع واوائل الخامس. حزن واسف وتعداد لماسي اهل البيت الاطهار في فاجعة كربلاء. وهي من شعره المشهور:
كربلاء... لازلت كرباً وبلا
ما لقي عندك ال المصطفى؟!
كم على تربك لما صرعوا
من دم سال، ومن دمع جرى؟!
كم حصان الذيل يروي دمعها
خدها، عند قتيل بالظما!
وضيوف لفلاة ٍ قفرة
نزلوا فيها على غير قرى!
لم يذوقوا الماء حتى اجتمعوا
بحدا السيف على ورد الردى
تكسف الشمس شموسا ًمنهم
لا تدانيها ضياء ً وعلى
وتنوش الوحش من اجسادهم
ارجل السبق، وايمان الندى
ووجوهاً كالمصابيح، فمن
قمر ٍ غاب ونجم قد هوى
يا رسول الله، لو عاينتهم
وهم ما بين قتل سبا
من رميض يمنع الظل، ومن
عاطش يسقى انابيب القنا
ومسوق عاثر يسعى به
خلف محمولٍ على غير وطا
لرأت عيناك منهم منظراً
للحشا شجواً، وللعين قذا
ليس هذا لرسول الله ـ يا
أمة َ الطغيان والبغي ـ جزا
جزروا جزر الاضاحي نسله
ثم ساق أهله سوق الإما
يا قتيلاً قوّض الدهرُ به
عمد الدين وأعلام الهدى
قتلوه بعد علم ٍ منهم
أنه خامس أصحاب الكسا
واصريعا عالج الموت بلا
شد ِّ لحين ِ ولا مدَّ رِدا
غسّلوه بدم الطعن، وما
كفّنوه غير بوغاء الثرى
يا رسول الله، يا فاطمة
يا أمير المؤمنين المرتضى
كيف لم يستعجل الله لهم
بانقلاب الارض أو رجم السما؟!
لو بسبطي قيصرٍ أو هرقل
فعلوا فعل يزيد.. ما عدا
كم رقاب من بني فاطمة ٍ
عرقت ما بينهم عرقَ المُدى!
حملوا رأسا يُصلونَ على
جده الاكرم طوعاً وإبا
يتهادى بينهم، لم يُنقضوا
عمم الهام ِ، ولا حلوا الحبا
ميّت تبكي له فاطمة
وأبوها، وعليُّ ذو العُلى
لو رسول الله يحيا بعده ُ
قعد اليوم عليه للعزا