في (كامل الزيارات) عن أمير المؤمنين علي(ع) أنّ رسول الله(ص) زارهم ذات يوم، فقدّموا له تمراً ولبناً أهدته لهم ام ايمن. ثم قام(ص) الى مسجد في جاني البيت، فخرّ ساجداً فبكى وأطال البكاء، ثم رفع رأسه.
يقول أمير المؤمنين: فما أجترأ منه أهل البيت أحد يسأله عن شيء.
فقام الحسين يدرج حتى يصعد على فخذي رسول الله، فأخذ برأسه الى صدره ووضع ذقنه على رأس رسول الله(ص)، ثم قال: يا أبه، ما يبكيك ؟
فقال: يا بنيّ، إني نظرت اليكم ليوم فسسرت بكم سرورا ً لم أسرَّ بكم مثله قط، فهبط اليّ جبرئيل فأخبرني انكم قتلى، وأنّ مصارعكم شتى، فحمدت الله على ذلك، وسألته لكم الخيرة.
فقال له: يا أبه، فمن يزور قبورنا ويتعاهدها على تشتتها ؟
قال: طوائف من امتي يريدون بذلك برّي وصلتي، اتعاهدهم في الموقف، وآخذ بأعضادهم... فأنجيهم من أهواله وشدائده.
قمر من اقمار كربلاء، ونبعة المصطفى والزهراء صلوات الله عليهما. قمر احمر مصبوغ بدم الرأس والقلب. وقد كان اشبه الناس بجده رسول الله خلقاً وخُلقاً ومنطقاً. هكذا وصف الواصفون شمائل علي الاكبر نجل الامام الحسين وعزيزه صلوات وسلامه عليهما.
ثم جاء الشيخ الشاعر عبد الحسين بن ابراهيم العاملي في القرن الرابع عشر..فكان له نصيب من المشاركة في الوصف وفي الثراء... ماذا قال هذه الشاعر اللبناني؟
حجر على عيني يَمُرُّ بها الكرى
من بعد نازلة ٍ بعترة أحمد
أقمار تمّ ٍ غالها خسف الردى
واغتاله بصروفه الزمن الردي
شتى مصائبهم؛ فبين مكابد
سمّاً، ومنحور، وبين مُصفَّد ِ
سل كربلا: كم من حشاً لمحمد
نُهبت بها؟! وكم استجذَّت من يد؟!
وبها على صدر الحسين ترقرقت
عبراته ُ حزنا ُ لأكرم سيّد ِ
وعلُّ قدر ٍ من ذؤابة هاشم ٍ
عبقت شمائله بطيب المحتد ِ
أفديه من ريحانة ٍ ريانة ٍ
جفَّت بحرِّ ظماً وحرِّ مُهنَّد ِ
بكر الذبول على نضارة غُصنه
إنّ الذبول لآفةُ الغصن الندي
جَمَعَ الصفات الغرَّ، وهي تراثهُ
عن كلِّ غطريف ٍ وشهم أصيد ِ
في بأس حمزة، في شجاعة حيدر
بإبا الحسين، وفي مهابة احمد ِ
وتراه في خلق ٍ وطيب خلائق ٍ
وبليغ نُطق ٍ... كالنبيِّ محمد ِ
يرمي الكتائب، والفلا غصّت بها
في مثلها من بأسه المتوقِّد ِ
فيردُّها قسراً على اعقابها
في بأس عرِّيس العرينة مُلبد ِ
ومُذ انثنى يلقى الكريهة باسماً
والموت منه بمسمع ٍ وبمشهد ِ
لفَّ الوغى، وأجالها جولَ الرَّحى
بمثقَّف ٍ من بأسه ومُهنَّد ِ
حتى إذا ما غاص في اوساطهم
بمُطهم ٍ قبِّ الاياطل أجرد ِ
عثر الزمان به، فغودرَ جسمُهُ
نهب القواضب والقنا المتفصِّد ِ
ومحا الردى ـ يا قاتل الله الردى ـ
منه هلال دجىً وغُرّة فرقَد ِ
يا نجعة الحيَّين: هاشم والندى
وحمى الذمارين: العلا والسؤدد ِ
كيف ارتقت همم الردى لك صعدة
مطرودة الكعبين لم تتأوّد ِ؟!
فلتذهب الدنيا، على الدنيا العَفا!
ما بعد يومك من زمان ٍأرغد ِ