يتوحد الزمان بالمكان، ويندغم عاشوراء بكربلاء.. وتتركز في المزار الحسيني المقدس معاني التوحيد المتفرد، ويظلّ باب المزار ـ في معنويته العالية وفي وجوده الحسيّ على الارض ـ مفتوحا ً باسطا ً ذراعيه الشفيقين.. يستقبل روّاده وزائريه.
عن كتاب ( كامل الزيارات ) لابن قولويه رحمة الله عليه، عن أبي داوود المسترقّ، عن أمّ سعيد الاحمسية، قالت:
قال لي أبو عبد الله (الصادق) عليه السلام: يا أمَّ سعيد، تزورين قبر الحسين؟
قلت: نعم.
فقال لي: يا أمَّ سعيد، زوريه... فأن زيارة الحسين واجبة على الرجال والنساء.
هذه قصيدة بكائية منقوعة باللوعة والشجن.. ترثي سيّد شباب اهل الجنة الشهيد المظلوم ابا عبد الله الحسين صلوات الله عليه. شاعرها من القرن الثالث... شهيد في حب اهل البيت(ع) وفي ولائهم. إنه عبد الله بن عمار البرقي.
له شعر كثير في مديح الائمة الاطهار سلام الله عليهم. قتله المتوكل العباسي لهذا السبب، وأحرق ديوان شعره، ولم يسلم من الابادة الظالمة الا بعض قصائده. منها قوله:
إذا جاء عاشورا تضاعف حسرتي
لآل رسول الله، وانهل عبرتي
هو اليوم فيه اٌغبرّت الارض كلها
وجوماً عليهم، والسماء اٌقشعرّت ِ
مصائب ساءت كلَّ من كان مسلما ً
ولكن عيون الفاجرين أُقرَّت ِ
إذا ذكرت نفسي مصيبة كربلا
وأشلاء سادتٍ بها قد تفرَّت ِ
أضاقت فؤادي، واستباحت تجلدي
وعُظِّم كربي، ثم عيشي أمرَّتِ
أُريقت دماء الفاطمين بالملا
فلو عقلت شمس النهار لخَرّت ِ
ألا بأبي تلك الدماء التي جرت
بأيدي كلاب ٍ في الجحيم استقرّتِ
توابيت من نارٍ عليهم قد أطبقت
لهم زفرة في جوفها بعد زفرة ِ
فشتان من في النار قد كان هكذا
ومن هو في الفردوس فوق الاسرَّةِ
بنفسي خدود في التراب تعفَّرت
بنفسي جسوم بالعراء تعرَّت ِ
بنفسي رؤوس معليات على القنا
الى الشام تُهدى بارقات الاسرة ِ
بنفسي شفاه ذابلات من الظمأ
ولم تحظ من ماء الفرات بقطرة ِ
بنفسي عيون غائرات شواخص
الى الماء منها نظرة بعد نظرة ِ
بنفسي من آل النبي من خرائد
حواسر لم تُقذف عليها بسترة ِ
تفيض دموعا ً بالدماء مشوبة ً
كقطر الغوادي من مدامع ثرَّة ِ
على خير قتلى من كهول وفتية ٍ
مصاليت أنجاد إذا الخيل كرَّتِ
كأني ببنت المصطفى قد تعلقتْ
يداها بساق العرش، والدمع أذرتِ
وفي حجرها ثوب الحسين مضرَّجاً
وعنها جميع العالمين بحسرة ِ
تقول: أيا عدلُ، اٌقض بيني وبين من
تعدّى على ابني بعد قهر ِ وقسرةِ
على غير جُرم غير انكار بيعة ٍ
لمنسلخ من دين أحمد، عُرَّة ِ
فيُقضى على قوم ٍ عليه تألبوا
بسوء عذاب النار، من غير فترةِ
ويُسقون من ماء صديد,إذا دنا
شوى الوجه، والامعاء منه تهرَّت
لآل رسول الله وُدّيَ خالصا ً
كما لمواليهم ولائي ونُصرتي
وها أنا مُذ أدركتُ حدَّ بلاغتي
أُصلي عليهم في عَشيِّ وبُكرتي
وقول النبي: «المرءُ مع من أحبَّهُ»
يقوّي رجائي في إقالة عثرتي
على حبِّهم يا ذا الجلال توفَّني
وحرِّمعلى النيران شيبي وكبرتي