يقول الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام للريان بن شبيب، في ذكره مقتل سيد شباب اهل الجنة ابي عبد الله الحسين صلوات الله عليه: يا ابن شبيب، ان سرَّك ان تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا. وعليك بولايتنا؛ فلو ان رجلا ً احب حجرا لحشره الله عز وجل معه... الى يوم القيامة.
انه حزن... ولا كالحزن. حزن مضيء منوِّر مطهِّر... هو الحزن الحسيني.
يطهر القلب والحياة والانسان، ويغسل الداخل... فاذا المرء يتخفف ويشف، ويغدو قريبا من جمال الملكوت.
علي بن حماد العدوي من القرن الرابع... اغتسل باحزان كربلاء، فعلاً صوته شاعراً مغموساً بالطهر والنقاء:
حي قبراً بكربلا مستنيراً
ضم كنز التقى وعلماً خطيراً
واقم مأتم الشهيد واذرفْ
منك دمعاً في الوجنتين غزيراً
والتثم تربة الحسين بشجو ٍ
واطل بعد لثمك التعفيراً
ثم قل: يا ضريح مولاي سقيـت
من الغيث هامياً جمهريراً
ته على سائر القبور فقد اصـبحت
بالتيه والفخار جديراً
فيك ريحانة النبي ومن حل
من المصطفى محلاً اثيراً
فيك يا قبر كل حلم وعلم
وحقيق بان تكون فخوراً
فيك من هد قتله عمد الديـن
وقد كان بالهدى معموراً
فيك من كان جبرئيل يناغيـه
وميكائيل بالحباء صغيراً
فيك من لاذ فطرس فترقى
بجناحي رضا، وكان حسيراً
ويتطلع ابن حماد الى مشاهد من فاجعة كربلاء... فيمر بها سريعا بما يكفي لاثارة الشجن، ولحضور العواطف الحسينية المقدسة.
يوم سارت له جيوش ابن هندٍ
لذحول امست تحل الصدوراً
آه وا حسرتي له وهو بالسيـف
نحير، افديت ذاك النحيراً
آه اذ ظل طرفه يرمق الفسطاط
خوفاً على النساء غيوراً
آه اذ اقبل الجواد على النسـوان
ينعاه بالصهيل عفيراً
فتبادرن بالعويل، وهتكـن
الاقراط بارزات ٍ شعوراً
ولطمن الخدود من الم الثكل
وغادرن بالنياح الخدوراً
ثم لما رأين رأس حسين ٍ
فوق رمح حكى الهلال المنيراً
صحن بالذل: ايها الناس ِلمْ نسبى
ولِمْ نات في الانام نكيراً؟!
مالنا لا نرى لآل رسول الله
فيكم ـ يا هؤلاء ـ نصيراً؟!
فعلى ظالميهم سخط الله
ولعن يبقى ويُفني الدهوراً
قُل لمن لام في وادي أح
مدَ: لازلت في لظى مدحورا ً
أعلى حبِّ معشرأنت قد كنت
عَذولا ً ولا تكون عذيرا ً؟!
وأبوهم أقامه الله في خُمّ ٍ
إماماً وهاديا ً وأميرا ً؟!