كان يوم الفصل.. الذي فرق الى الابد بين معسكر الهدى والضلال، بين الداخلين في رحمة الله، والمبعدين عنها المطرودين عن الاقتراب منها.
يقول الامام الصديق عليّ بن موسى الرضا سلام الله عليه للريان بن شبيب: يا ابن الشبيب، إن سرَّك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي(ص) فالعن قتلة الحسين.
يا ابن الشبيب، إن سرّك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استُشهد مع الحسين بن علي عليهما السلام فقل متى ذكرته: يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا.
صوت من أصوات الذين اختاروا الانضمام الى آل محمد صلوات الله عليهم.. كان جهير النداء في محبتهم والرفض لاهل الظلم والعناد. صوت عليّ بن حمّاد العَدويّ المتوفى سنة 400 للهجرة. هو ذا شهره يواسي فيه آل محمد على مصابهم، في حين يُعيِّد آخرون عيد اللهو والمسّرات:
هنِّ بالعيد إن اردت سوائي
أيُّ عيدٍ لمُستباح العزاء ِ؟!
إن في مأتمي عن العيد شُغلاً
فالهُ عني، وخلني بشجائي
فاذا عيد الورى بسرور
كان عيدي بزفرة ٍ وبكاء ِ
واذا جددوا ثيابهم جدَّدْت
ثوبي من لوعتي وضنائي
واذا ادمنوا الشراب فشربي
من دموع ممزوجةٍ بدماء ِ
واذا استشعرواالغناء، فنوحي
وعويلي على الحسين غنائي
وقليل لو متُّ همّاً ووجدا
لمصاب الغريب في كربلاء
أيُهنّى بعيده من مَواليده
أبادتهم يدُ الاعداء؟!
آه ياكربلاء كم فيك من كربٍ
لنفس شجية ٍوبلاءِ!
أألذ الحياة بعد قتيل الطف ظلما ً؟!
إذن لقلَّ حيائي
كيف ألتذ شرب ماء ٍوقد جُرِّع
كأس الردى بكرب الظماء؟!
كيف لاأ ُسلب العزاء إذا مثلته
عاريا ً سليب الرداء ِ؟!
كيف لا تسكب الدموع عيوني
بعد تضريج شيبه بالدماء؟!
تطأ الخيلُ جسمه في ثرى الطفِّ
وجسمي يلتذ ّ لين الوطاء؟!
يدخل العدويّ الى مشهد من مشاهد عاشوراء المرنِّحة... ليتحدّث عن عقيلة الهاشميين في تخوم الفاجعة:
بأبي زينب وقد سُبيت بالذل
من خدرها... كسبي الاماء
فأذا عاينته مُلقى على التربِ
مُعرىّ مُجدَّلا ً بالعراء
أقبلت نحوه، فيسمعها الشِّمرُ، تدعو في خيفة ٍوخفاءِ:
يا أخي، يومك العظيم برى عظمي
وأضنى جسمي واوهى قُوائي
يا أخي، لو فُدي من الموت شخص
كنت أفديك بي، وقلَّ فدائي
آه واحسرتي لفاطمة الصُّغرى
وقد اُبرزت بذلِّ السباء
كفُّها فوق رأسيها من جوى الثكل
وكفُّ أخرى على الاحشاء
يا أبي من ترى ليُتمي وضعفي
يا أبي أو لمحنتي وأبتلائي؟!