نتابع حديثنا عن الادعية المباركة وما تتضمنه من النكات ومنها دعاء الغيبة (غيبة الامام المهدي(ع)) حيث قدمنا في لقاءات سابقة مقاطع متسلسلة منه ونحن الان في المقاطع الاخيرة من الدعاء، حيث يتجه الدعاء الى الله تعالى بالعبارات الآتية: (تكشف الضر، وتجيب المضطر اذا دعاك، وتنجي من الكرب)، ثم يتوسل الدعاء بالله تعالى بان يكشف الضر عن الامام المهدي(ع) ويقول(واجعله خليفة في ارضك كما ضمنت له) ثم يختم الدعاء بالتوسل الى الله تعالى بالا يجعلنا من خصماء آل محمد عليهم السلام.
المهم هو ان نحدثك عن المقطع ما قبل الاخير وهو ما لاحظناه الان ونعني التوسل بالله تعالى ان يكشف عن الامام المهدي(ع)الضر حيث يقول: (تكشف الضر، وتجيب المضطر اذا دعاك، وتنجي من الكرب)، هذه الفقرات الثلاث تتحدث عن الله تعالى بآيات من القرآن الكريم تعتمد عليها بمثابة تضمين او اقتباس او تناص وهي الآيات التي تتحدث عن كشف الضر واجابة المضطر والنجاة من الكرب العظيم.
هنا نعتقد بان الوضوح الذي تتسم به الآيات القرآنية الكريمة وفقرات الدعاء التي اقتبست ذلك منه، نقول الوضوح الذي يطبع هذه الفقرات يكفينا من الدخول الى تفصيلاتها والاقتصار على الاشارة الى انها تعني في الفقرة الاولى بان الله تعالى يكشف الشدة وفي الفقرة الثانية يجيب المضطر وفي الفقرة الثالثة ينجي من الكرب، ولعل قارئ الدعاء يحتاج الى توضيح الفوارق بين هذه الظواهر وليس دلالاتها الواضحة وهذا ما نبدأ به الان ... من البين ان كشف الضر يعني ازالته بعد حدوثه كالبلاء الذي اصاب ايوب مثلاً وكشفه الله تعالى، اما فقرة تجيب المضطر فتتصل بموضوع آخر حيث ان الموضوع الاول هو وجود الشدة وان الله تعالى هو الكاشف لها بغض النظر عن الدعاء او عدمه، اما الفقرة الثانية وهي تجيب المضطر اذا دعاك فأمر يتصل باجابة الدعاء أي في حالة ما اذا توسل العبد بالله تعالى بان يكشف الشدة عنه، وذلك في حالة كونه مضطراً وهذا القيد أي كون العبد مضطراً له دلالته الخاصة بمعنى ان الانسان اذا بلغ منتهى الشدة بحيث ييأس من الخلاص منها حينئذ يتجه الى الله تعالى فيكشفها، واما الفقرة الثالثة وتنجي من الكرب فان الفارق بينها وبين ما تقدمها هو حالة الابتلاء بشدائد خاصة كشدائد تحمل الرسالة وتبليغها الى الاخرين مثلاً ففي امثلة هذه الحالات مثل حالات نوح مع مجتمعه نجد ان النص القرآني الكريم يوضح بانه تعالى انجاه من الكرب العظيم أي الحزن الذي يصيبه من سلوك قومه الممعنين في الضلال يبقى ان نشير الى الفارق بين الضر وبين الكرب وبين الاضطرار حيث لاحظنا الدعاء يقرر بانه تعالى يكشف الضر ويجيب المضطر وينجي من الكرب، وفي هذا السياق نقول الضر هو الشدة بنحو عام بحيث يصيب الانسان ضرر ما بغض النظر عن حجمه او نمطه بينما الكرب هو الحزن او الغم ونحوهما مما يترتب على وجود الشدة، واما الاضطرار فيجسد حالة من الاستجابة المؤلمة حيال الشدة بحيث تجعله في اشد الحالات النفسية تأزماً.
اذن امكننا الان ان نبين الفوارق بين الضر وبين الكرب وبين الاضطرار وهي فوارق تجسد لنا مستويات الشدائد التي يواجهها الانسان وطبيب الرحمة الالهية التي تتدخل في كشف الشدائد المتقدمة.
ختاماً نشير الى ان هذه الفقرات التي حدثناك عنها انما هي مقدمة لكشف الشدائد عن الامام المهدي(ع) حيث نحدثك عنها في لقاء لاحق ان شاء الله تعالى اما الان فحسبنا ان نتوسل به تعالى بان يوفقنا للطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******