لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة ومنها دعاء الغيبة وهو دعاء يتلى بعد فريضة العصر من يوم الجمعة كما يتلى في مطلق الاوقات وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه وانتهينا من ذلك الى مقطع يقول: (وعذب اعداءك واعداء وليك، واعداء رسولك صلى الله عليه وآله)، حيث تساءلنا في لقاء سابق عن سبب تقديم الدعاء الاشارة الى ان يعذب تعالى اعداء وليه الامام المهدي(ع)قبل اعداء رسوله(ص) وقد وعدناك ان نجيبك عن النكتة في لقائنا الحالي وهذا ما نبدأ به الآن.
من الواضح ان العمل العبادي وفي مقدمته عمل الني(ص) وأهل البيت عليهم السلام جميعاً يوظف من اجل الله تعالى وحده ولذلك عندما يقول الدعاء مستهلاً وعذب اعداءك فانما يفصح عن الحقيقة وهي ان من يعادي الله تعالى فهو عدونا لذلك توسل الدعاء بالله تعالى بان يعذب اعداءه بصفتهم هم الاعداء الذي بعث الله تعالى الامام المهدي(ع) للاطاحة بهم. بعد ذلك يقول الدعاء واعداء وليك حيث تجيء التوسل بالله تعالى بعد ان يعذب اعداءه تعالى يعذب اعداء وليه وهو الامام المهدي(ع) والسبب في تقديم الدعاء اعداء الامام المهدي(ع) بعد اعداء الله تعالى هو ان الامام(ع) هو المعادي لاعداء الله تعالى حيث يضطلع بالاطاحة بهم ولذلك فانهم اعداؤه لانهم اعداء الله تعالى ولكن النكتة الرئيسة هي ان الدعاء الذي نتحدث عنه ذكر او توسل بالله تعالى بان يعذب اعداء رسوله تعالى بعد ذلك والسؤال لماذا جاء التوسل بالله تعالى بان يعذب اعداء رسوله بعد اعداء الامام(ع)؟ هذا السؤال له اهمية كبيرة ولابد لقارئ الدعاء ان ينتبه على هذه النكات اذا اراد ان يعطي الادعية حقها.
وللاجابة نقول: ان الامام المهدي(ع) هو آخر خلفاء الرسول(ص) حيث يضطلع بمهمته الاصلاحية للمجتمعات وعندما يقدم الدعاء توسله بالله تعالى بان يهلك عدو الله وعدو الامام(ع) حينئذ فان الامام(ع) بصفته خليفة لابد وان يجعل النبي(ص) حاضراً الساحة أي الحضور المعنوي له(ص) بحيث يتداعى ذهن قارئ الدعاء من الامام(ع) الى من نصبه وهو(ص) وبذلك يكون الدعاء قد ربط بين الله تعالى ورسوله وامامه بهذا النحو من التداعي الذهني لقارئ الدعاء.
بعد ذلك يواجهنا الدعاء بفقرة تتوسل بالله تعالى بان يجعل عذابه بعد وليه(ع) وبعد عباد الله المؤمنين هنا ايضاً تواجهنا نكتة جديرة باهتمامنا الا وهي ان معركة الامام الاصلاحية تتم على يده ويد المؤمنين، مرة اخرى نتساءل ما هي النكات الكامنة وراء التوسل المذكور وهو ان يكون العذاب بيد الامام(ع) وبيد المؤمنين ايضاً؟ الاجابة تتضح بجلاء هنا وهي ان الله تعالى لا يريد بان ينصر الامام(ع) وطائفته المنتسبة اليه به بقوى خارج الساحة الاجتماعية بل اراد ان يتم ذلك بما يتطلبه الواقع الاجتماعي وهو وجود القائد ووجود الجند المحاربين وبالفعل فان النصوص الواردة عن المعصومين عليهم السلام طالما تشير الى انصار الامام(ع)طائفتان طائفة خاصة وهي بعدد مقاتلي بدر وطائفة عامة وهي المؤمنون الاخيار حيث يشتركون جميعاً في المعركة وفق التفصيلات الواردة في النصوص الشرعية مما لا تدخل في نطاق الحديث الحالي بعد ذلك يواجهنا مقطع جديد يقول: (اللهم اكف وليك, وحجتك في ارضك هول عدوه)، وهذا مقطع ينطوي بدوره على نكات متنوعة نحدثك عنها في لقاءات لاحقة ان شاء الله تعالى.
اما الان فحسبنا ان نشير في خاتمة حديثنا الى توسل هو ان نوفق نحن القراء للدعاء بان نكون ضمن هؤلاء الذين اشار الدعاء اليهم حينما توسل بالله تعالى بان يجعل هلاك العدو على يد وليه(ع) ويد عباده المؤمنين سائلين الله تعالى ان يوفقنا بالفعل الى ذلك والى ان يوفقنا في ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******