لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة ومنها دعاء الغيبة وهو دعاء يتلى بعد فريضة العصر من يوم الجمعة ومطلق الاوقات حيث وظف لتعجيل ظهور الامام المهدي(ع) وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه وانتهينا من ذلك الى مقطع يتوسل بالله تعالى بان يفرج عنا بحيث لا يدع شراً الا هدمه الا ان يقول (ولا حداً الا افللته ولا سلاحاً الا اكللته، ولا راية الا نكستها).
طبيعياً هذه العبارات او الفقرات هي استعارات ترمز الى معان متنوعة حيث تتحدث عن الحد والسلاح والراية وكلها ادوات عسكرية بعضها خاص في بيئته الموروثة كحد السيف وبعضها يشمل جميع البيئات كالسلاح بشكل عام الا ان المقصود من ذلك هو ابادة معالم الظلم وعدم ابقاء أي اثر لها، والمطلوب الان ملاحظته هذه الاستعارات وما ترمز اليه من الدلالات.
تقول الاستعارة التي لاحظناها ولا حداً الا فللته والحد كما هو معروف في اللغة الموروثة هو حد السيف وقد استخدمه النص رمزاً او اشارة لتعطيل فاعلية السلاح عند الاعداء طبيعياً سوف نرى ان النص قد استخدم رمزاً اخر هو ولا سلاحاً الا اكللته وحينئذ نتساءل ما هي النكات الكامنة وراء الاستخدام لامثلة هذين المصطلحين السيف والسلاح؟ هذا ما نحاول توضيحه فنقول: ان السيف احد انماط الاسلحة الموروثة واما حده فهو مقطع السيف حيث يقطع به العضو كالرأس وسواه وقد رمز به الدعاء الى احد اشكال التعطيل لهذا السلاح الا وهو ثلمة او كسرة بحيث يستخلص قارئ الدعاء من ذلك بان المقصود هو ازالة فاعليته بغض النظر عن نمط هذا السلاح الرمزي سواء كان سلاحاً نارياً او فكرياً او نفسياً حيث ان الاعداء يستخدمون الحرب المادية والنفسية كما هو واضح والمهم ان حد السيف اذا ثلم معناه عدم استطاعة هذا السلاح ان يؤدي وظيفته كما لو عطب او سقط او اخطأ سلاح العدو كالصاروخ او الطائرة ونحو ذلك او كما لو انهزم سلاح العدو والنفسي او الفكري هنا قد يثار السؤال الأتي اذا كان المقصود من عبارة حد السيف هو كسر فاعليته او ثلمه بمعنى عدم قدرته على القتل او الذبح فما هو الرمز الاخر في العبارة الاستعارية التي وردت بعده وهي ولا سلاحاً الا اكللته؟
من الواضح ان المقصود من السلاح هو مطلق الادوات او الوسائل العسكرية وسواها فاذا كان السيف يرمز الى سلاح جزئي لتحطيم طائرة العدو مثلاً فان السلاح يرمز الى كل معداته ولكن من حيث عدم قدرتها على تنفيذ مهماتها العسكرية كما لو عطب الصاروخ مثلاً من خلال استخدام الامام(ع) لجهاز يعطل فاعلية الصاروخ بحيث يكل أي يزيل فاعليته كالتعبان لا قدرة لديه على الحركة فاذا كان انثلام السيف مثلاً يرمز الى عدم قدرته على الحاق ضرر بجسم الشخص فان الاكلال بالنسبة الى السلاح يرمز الى عدم قدرته على القتل او الذبح اساساً فيكون انثلام السيف رمزاً لضرر جزئي واكلال السلاح رمزاً لضرر كلي.
ونتجه الى رمز ثالث هو ولا راية الا نكستها وهذا الرمز يختلف عن سابقيه بانه خاص بما هو معنوي من سلاح العدو فالراية او العلم تستخدم سابقاً كعلامة لوجود الجيش فاذا نكس العلم فمعناه انكسار الجيش وخذلانه وهذا ما استخدمه الدعاء للاشارة الى ان جيش العدو سيصاب بنكسة لا يتوقعها.
ونواجه بعد ذلك رمزاً رابعاً هو ولا شجاعاً الا قتلته فماذا تعني هذه العبارة؟ من الواضح ان الدعاء لم يقل اولاً مقاتلاً الا قتلته بل قال ولا شجاعاً حيث نعرف بان المقاتل قد يكون شجاعاً وقد يتسم بالجبن لذلك فان الدعاء حينما قال ولا شجاعاً الا قتلته انما رمز بذلك الى اقوى الاسلحة واشدها فاعلية بحيث لا يدع الامام(ع) قوة عسكرية لها مهارتها او قدراتها الكبيرة كالسلاح النووي مثلاً الا وقضى عليه.
اخيراً يستخدم الدعاء عبارة يختم بها حديثه عن الاسلحة فيقول ولا جيشاً الا خذلته وهذا ما نحدثك به لاحقاً ان شاء الله تعالى.
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى المشاركة في المعركة ويوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******