السلام عليكم إخوة الإيمان، طبتم وطابت أوقاتكم بكل خير وأنتم تتابعون هذا البرنامج في حلقته الحادية عشر.
موضوع هذه الحلقة – مستمعينا الأفاضل – هو القرآن الكريم والتوحيد الخالص، ولبيانه ندعوكم أولاً للتدبر في الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة الواردة بشأنه، ثم نلخص دلالاتها في القسم الثاني من البرنامج، تابعونا مشكورين.
نبدأ بالآيات الكريمة المشيرة لموضوع هذه الحلقة ومنها قوله عزوجل: "اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ{۲} نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ …{۳}" . آل عمران ۲ – ۳
وقال أصدق القائلين: "... فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ وَأَن لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ "هود ۱٤
وقال جل جلاله: "هَـذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ ". ابراهيم ٥۲
وبعد تلاوة هذه النماذج من آي الذكر الحكيم المشيرة للعلاقة بين القرآن الكريم وإيجاد التوحيد الخالص نقرأ لكم مستمعينا الأفاضل طائفة من الأحاديث الشريفة الدالة على ذلك:
فمنها قول سيد الأنبياء والمرسلين – صلى الله عليه وآله –:" أهل القرآن هم أهل الله وخاصته "
وقال – صلى الله عليه وآله – في حديث الثقلين:" الثقل الاكبر كتاب الله عزوجل، سبب طرقه بيد الله وطرقه بأيديكم فاستمسكوا به لا تضلوا ولا تبدلوا "
وعن مولى الموحدين وأمير المؤمنين – عليه السلام – وفي جواب من سأله عن صفات الله، قال: فإنظر أيها السائل، فما دلك القرآن من صفته، فأئتم به وأستضيء بنور هدايته، وما كلفك الشيطان علمه مما ليس في الكتاب عليك فرضه ولا في سنة النبي – صلى الله عليه وآله – وأئمة الهدى أثره، فكل علمه الى الله سبحانه"
وقال – عليه السلام – في فضل القرآن:" فأسألوا الله به وتوجهوا إليه بحبه،... إنه ما توجه العباد الى الله بمثله، فكونوا من أتباعه وحرثته وإستدلوه على ربكم".
وقال – عليه السلام – أيضاً : " فتجلى لهم سبحانه في كتابه من غير أن يكونوا رأوه بما أراهم من قدرته، وخوّفهم من سطوته.. "
وعن الإمام الصادق – سلام الله عليه – :" لقد تجلى الله لخلقه في كلامه ولكنهم لا يبصرون"
أيها الأخوة والأخوات، ماالذي نستفيده من النصوص الشريفة التي تلوناها لكم وبالتحديد فيما يرتبط بعلاقة القرآن الكريم بالتوحيد الخالص والقرب من الله عزوجل؟
يمكننا من التدبر في هذه الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة تثبيت الدلالات التالية:
أولاً: إن أحد الأهداف المحورية لإنزال القرآن هو الأخذ بأيدي العباد الى رحاب التوحيد الخالص وتعليمهم تجسيد مقتضياته عملياً وقلبياً وعقلياً وفي مختلف المجالات.
ثانياً: وتصرح النصوص الشريفة المتقدمة، بأن القرآن الكريم قد جاء لتعريف الخلق الواحد القهار الذ لا اله الا هو، فعرّفهم بصفاته النقية من جميع أشكال التجسيم المادي، ودلهم على حقائق المعارف التوحيدية بجميع
مراتبها الممكنة للخلائق.
ثالثاً: لقد بين الله تبارك وتعالى حقائق التوحيد وعقبات الشرك الجلي الخفي ببيان، أنيق الظاهر عميق الباطن، وبحيث يفهم كل قارئ للقرآن من هذه الحقائق بما يتناسب مع درجته في التهذيب والتزكية وتطهيرالقلب من آثارالذنوب.
ولكنه ومع ذلك لا يحرم أبسط مستويات الناس من إدراك ظواهر حقائق التوحيد ومعرفة الله جل جلاله.
رابعاً: ويتضح من النصوص الشريفة المتقدمة – مستمعينا الأفاضل – أن القرآن الكريم هو كتاب تجسيد معارف التوحيد الخالص عملياً، فهو يجعل من يفتح قلبه له إبتغاء مرضاة الله وحده، يجعله يدرك عملياً تجليات ربه الأعلى جل جلاله في مظاهر قدرته وبدرجة تنفي جميع مراتب الشك والشرك في قدرته، بل وتقوي الإستشعار الوجداني لحضوره المستمر جل جلاله، في قلب القارئ للقرآن وهذا الأمر يحصن المؤمن من الوقوع في شباك الغفلة عن الله عزوجل وبالتالي يعصمه من إرتكاب ما لا يرضاه تبارك وتعالي.
خامساً: إن الله سبحانه قد تجلى لعباده في كلامه بمعنى أن المؤمن القاريء للقرآن إذا أخلص لله وفتح عين بصيرته فاز بلقاء الله ورؤيته بعين القلب والإيمان من خلال التدبر في آياته جل جلاله، وهذه أعلى مراتب التوحيد الشهودي حسب إصطلاحات أهل المعرفة.
سادساً: ان القرآن هو حبل الله المتين فمن تمسك به الى جانب أهل بيت النبوة – عليهم السلام – ؛ وصل الى رضوان الله الأكبر، لأن المتمسك به هو من أهل الله وخاصته لا يقع في السبل المتفرقة المبعدة عن الله ورضوانه تبارك وتعالى...
جعلنا الله وإياكم إخوة الإيمان من أهل التمسك بالثقلين والفائزين بكرامة الله في الدنيا والآخرة.
شكراً لكم الى طيب المتابعة لهذه الحلقة من برنامج من بركات القرآن إستمعتم لها من إذاعة طهران
تقبل الله أعمالكم والسلام عليكم.