لا نزال نتحدث عن الادعية المباركة وما تتضمنه من بلاغة الكلام وطرافة المعاني، وعمق المعرفة ومنها: دعاء الغيبة وهو دعاء يتلى بعد فريضة العصر من يوم الجمعة ومطلق الايام، حيث يتناول شخصية صاحب العصر الامام المهدي(ع) وحركته الاصلاحية للمجتمعات.
لقد حدثناكم عن الدعاء المذكور عبر مقاطعه المتسلسلة وانتهينا من ذلك الى النص الآتي (اللهم عجل فرجه، وايده بالنصر، وانصر ناصريه، واخذل خاذليه، ودمدم على من نصب له، وكذب به) ... وهذا النص ـ كما تلاحظ ـ يتناول توسلاً بالله تعالى بان ينتصر للامام(ع)، وآخر بان يخذل عدوه... وهذا الاخير ـ أي الخذلان للعدو ـ قد انتظمته ثلاث عبارات هي: (واخذل خاذليه، ودمدم على من نصب له، وكذب به) وهذا ما نبدأ الحديث عنه الآن بعد ان حدثناكم في لقائنا السابق عن الموضوع الاول وهو نصرة الامام(ع) ... بالنسبة للعبارة الاولى (واخذل خاذليه) نعتقد انها من الوضوح بمكان ولكنها تحتاج الى الاضاءة ولو عابراً ان خذلان الامام(ع) هو في عدم نصرته وعدم المواكبة لحركته والمساهمة في ذلك ... وامثلة هؤلاء اما ان يشككوا او يجيبوا او يلتبس عليهم الموقف قبالة من يعاديه او يكذب به ... من هنا نجد ان الدعاء يتوسل بالله تعالى بان يخذل امثلة هؤلاء المشككين او الجبناء او الملتبس عليهم ... والخذلان هو عدم تحقيق رغباتهم التي حجزتهم عن النصرة للامام(ع)، بصفة ان الخاذل هو المتفرج على التل، والساكت عن الحق ... وهذا بدوره يعد من المواقف الانحرافية ولكن الموقف الاشد انحرافاً هو من ينصب العداء للامام(ع) او يكذب به.
ولنتحدث عن الناصب عداءه للامام(ع) اولاً: لعل الناصب عداءه للامام يعد من اشد الاعداء لله تعالى ولرسوله ولأهل البيت (عليهم السلام) ولا ادل على ذلك من ملاحظة النصوص الشرعية من جانب وملاحظة المواقف والاحداث الصادرة عن الناصب من جانب آخر ... فالنصوص الشرعية تعتبره اشد عداوة من الكافر نظراً لما يحتقنه من حقد على آل البيت(ع) ... واما المواقف والاحداث فيكفينا ما نلاحظه طوال التاريخ وبخاصة سنواتنا المعاصرة من قتل لمنتسبي الطائفة المحقة بحيث لا نتوقع حتى من الوحش امثلة ما يصدر من الناصب من الفتك والوحشية ...
من هنا نلاحظ بان الدعاء يستخدم صياغة صورية لتجسيد الموقف الا وهو التوسل بالله تعالى بان يدمدم على من نصب للامام(ع) حيث يقول النص (ودمدم على من نصب له)...
هنا نعتقد بان قارئ الدعاء يتوقع منا ان نوضح له الدلالة اللغوية لكلمة (دمدم) حيث تعني الغضب على العدو واهلاكه والزامه بالارض.
ومن الواضح ان غضب الله تعالى عندما ينصب على العدو فان الغضب المذكور هو التعبير عن اهلاكه للعدو، وهو مستحقاً لذلك بطبيعة الحال... ولا شيء بعد عملية الهلاك. يبقى ان نحدثك عن النمط الثالث وهو (المكذب) وهذا النمط من الاعداء او المنحرفين لا يحتاج بدوره الى التوضيح ولكن مع ذلك فان الانارة لامثلة مواقف المكذب لاتخلو من فائدة لذلك نتساءل من هو المكذب؟
هل هو الكافر او الملحد او المنحرف بعامة أي: اللا منتمي بحيث لا يحمل هدفاً عبادياً ولا حتى دنيوياً؟
كل هذه المواقف تنسحب على المكذب بصفته لا وعي لديه او بصفته واعياً ولكنه يجحد الحقائق ومن الواضح ان الجاحد للحقائق يعد في قمة المنحرفين لانه ـ ببساطة ـ يتنكر لما هو حق وخير وانسانيا...الخ، ولذلك توسل الدعاء بالله تعالى بان يهلك المكذب، بان يغضب عليه، بان يمسح به الارض تعبيراً عن شدة العقاب الذي يطاله وهو المستحق لذلك.
اخيراً نتوسل بالله تعالى بان يوفقنا لان نلتحق بموكب الامام(ع) وان يوفقنا لممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******