نواصل حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الذي يتلى في زمان الغيبة (غيبة الامام المهدي(ع)) حيث قدمنا جملة من مقاطعه في لقاءات سابقة ونتقدم الان بمقطع او بفقرات جديدة تسم الامام(ع) بجملة سمات هي (الطاهر، التقي، الزكي، النقي، الرضي، المرضي، الصابر، الشكور، المجتهد) ...
ان هذه الفقرات هي امتداد لفقرات سابقة وسمت الامام(ع) بانه "الهادي المهدي والقائم المهدي" ... وقد سبق ان اوضحنا جانباً من السمات المتقدمة وبينها بعض النكات الكامنة فيها اما الان فنتحدث عن السمات المتمثلة في (الطاهر، التقي، الزكي، النقي ...) ...
قبل ان نتحدث عن هذه السمات تجدنا مضطرين الى تذكيرك بحقائق سبق ان كررناها ونرجو منك الا تمل من تكرارها ... هذه الحقائق او الظواهر تتمثل في ان الدعاء الذي نحن بصدده وكذلك غالبية الادعية التي تتناول صفات الله تعالى او سمات النبي(ص) او الائمة (عليهم السلام) ...الخ، هذه الادعية وسواها طالما تكرر الصفات او السمات المرتبطة بالله تعالى او المعصومين (عليهم السلام) او الانبياء الخ، تكررها في سياقات متنوعة قد يحسب قارئ الدعاء انها تكرار صرف مع انها في الواقع تكرار في سياق يختلف احده عن الآخر...
واذا عدنا الان الى السمات التي ذكرناها عن الامام المهدي(ع) نجد انها غير مكررة من جانب كما انها غير متماثلة في ظاهرها من جانب آخر أي ان السمات التي قد تجدها مثلاً ترد في التعريف بالمعصومين (عليهم السلام) كالذهاب الى انهم الائمة والقادة والسادة والذادة والحماة والولاة ... الخ، حيث وردت هذه السمات في الزيارة المعروفة بالجامعة الكبيرة، نقول ان امثلة هذه السمات تبدو وكأنها متقاربة الدلالة كالقائد والسيد و...الخ، ولكنها في الواقع تتفاوت دلالتها مما يكشف ذلك عن الدقة الملحوظة في النصوص الشرعية ... نقول ان السمات التي لاحظناها بالنسبة الى الامام المهدي في الدعاء الذي نحن بصدده تختلف عن الادعية الاخرى الواردة في سمات الامام المهدي(ع) نفسه من حيث التماثل الظاهري فيها الا ان دعاء الغيبة ليس كذلك بل تجيء السمة منفردة على نحو ما سنوضح ذلك...
والآان خارجاً عن الملاحظة المذكورة نتقدم الى السمات التي ذكرناها عن الامام المهدي(ع) حيث بدأها المقطع بسمة الطاهر فماذا نستخلص منها؟
طبيعياً، ان مفردة الطاهر لا تحتاج الى بيان لكن السياق الذي ترد فيه هذه السمة وسواها ينبغي الا نفصله عن السمات الاخرى التي حدثناك عنها ونعني بها سمات الهادي المهدي المهتدي ...الخ.
ان الطاهر سمة تعني كما هو واضح ما يقابل غير الطاهر مثل اية ظاهرة سلبية تتصل بنسب الانسان او سلوكه ...الخ، فمثلاً عندما يشير النص القرآني الكريم الى ان اهل البيت (عليهم السلام) يطهرهم الله تطهيراً انما قارن ذلك بما هو مضاد له وهو الرجس حيث قال تعالى: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيراً)، فالرجس مثلاً او النجس او الملوث...الخ، تعد ظواهر سلبية مضادة تماماً لما يخالفها وهو الطهر... ان الشجرة الملعونة التي ذكرها القرآن الكريم بالنسبة الى الامويين تظل سمة مضادة تماماً لما وسمه الله تعالى بالنسبة للمعصومين الذين وسمهم بالطهر ...
ومما لا شك فيه ان المعصوم يظل حتى بالنسبة الى العادي من البشر ممن لم تنسحب عليه سمات الرجس او النجس ...الخ، يظل المعصوم(ع) حتى بالنسبة الى سواه بالغاً درجة الطهر في ارفع ذراها، وهذا ما ينسحب على الامام المهدي(ع) بصفته واحداً من الأئمة الذين عينهم النبي(ص) خلفاء له وختمهم بالامام المهدي(ع) من هنا فان سمة الطاهر هنا تعني خصوصية للامام(ع) وليس مطلق الطهر الذي قد يسهم العاديين ايضاً.
اذن اتضح بجلاء ان سمة الطهر الطاهر لها دلالتها الخاصة في السياق الذي لاحظناه.
ختاماً: نسأله تعالى ان يوفقنا لخدمة الامام(ع) وان يوفقنا لممارسة مهمتنا العبادية والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******