البث المباشر

شرح فقرة: "فصبرني على ذلك حتى لا أحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت..."

السبت 14 سبتمبر 2019 - 14:25 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " فصبرني على ذلك حتى لا أحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت " من دعاء عصر الغيبة.

 

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها الدعاء الذي يتلى في عصر الغيبة حيث يستهل بالعبارة المعروفة (اللهم عرفني نفسك)، وقد حدثناك عن جملة مقاطع من الدعاء المذكور بحسب تسلسله، وانتهينا الى المقطع الذي يتوسل بالله تعالى بان يصبرنا على الانتظار الى حيث الوقت الذي يراه تعالى صالحاً لظهوره(ع) حيث يقول الدعاء (فصبرني على ذلك، حتى لا احب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت ولا كشف ما سترت، ولا ابحث عما كتمت ...).
هذا المقطع من الدعاء يتسم باهمية كبيرة، لانه يتضمن معطيين هما: المعطى العبادي والمعطى النفسي. وهذا ما نحاول القاء الانارة عليه الآن ...
بالنسبة الى المعطى النفسي، تتضمن العبارة القائلة (فصبرني) دلالات ذات اهمية كبيرة ورئيسية في ميدان السلوك العام، بغض النظر عن صلة هذا التصبر بظهور الامام او مطلقاً فالصبر كما نعرف ذلك جميعاً هو الاسلوب او الخيار الاوحد للانسان في تعامله مع متطلبات الحياة، حيث لا يمكن لاي بشر ان يحقق جميع طموحاته بقدر ما ينبغي ان يتعامل مع طموحاته، في حدود ما هو واقعي، وهذا ما يتطلب عملية "تأجيل" لحاجات الانسان أي: عملية تأجيل للأشباعات التي ينشدها حتى لو كانت من الاشباعات العادية ... وهذا التأجيل لرغبات الانسان يضطلع به مفهوم "الصبر" حيث يرتطم الانسان بشدائد متنوعة نتيجة للاحباطات التي يتعرض لها، كالصبر مثلاً على الفقر، او المرض وسواهما، وقد وردت التوصيات الاسلامية من حيث الحث على الاصطبار بحيث جعلته لا يوفق اليه الا ذو حظ عظيم.
والمهم ان عملية "الصبر" تظل في احد اشكالها ما يتصل بموضوعنا وهو عدم التعجل لما اخره الله تعالى او عدم التأخر لما يعجله تعالى بالنسبة الى موضوع الظهور... ظهور الامام(ع) وهذا الموضوع يتطلب ـ كما اشرنا ـ شيئاً من التفصيل..
من الواضح ان الشخصية الاسلامية بنحو عام، تتطلع الى ظهور الامام(ع) حتى يمارس عملية الاصلاح التي اوكلها الله تعالى اليه بخاصة ان الشخصية الاسلامية يؤلمها بلا شك ما تواجهه من طغيان الفساد في الارض، حيث تمتلئ جوراً وظلماً كلما تقدم الزمن، بحيث بلغ ذروته في سنواتنا المعاصرة.
وفي ضوء هذه الحقيقة قد يتعجل البشر ظهور الامام(ع) على نحو ما سنجده في المقاطع اللاحقة من هذا الدعاء متذرعاً بجملة حجج ونظرات يراها ـ عبر تصوره ـ متسمة بالصواب الا ان الله تعالى وهو العالم غيرالمعلم هو الاعرف بصلاح الامر، من هنا جاءت فقرات الدعاء تفصل طبيعة الاستجابة البشرية حيال الظهور الذي تتطلع اليه وتتعجله وقد يحدث العكس تماماً لدى البعض من الاسلاميين الذين ينقصهم الوعي الكامل، كما لو كانوا منشدين الى متاع الحياة الدنيا، بحيث لا يرغبون في تعجيل الظهور، نتيجة تشبثهم بالمتاع الدنيوي او نتيجة ولوغهم في الذنب بحيث يتطلعون الى مزيد من عمر الدنيا حتى تتاح لهم فرص التوبة مثلاً وهكذا.
في ضوء ذلك جميعاً نجد ان الدعاء الذي قدمنا بعض فقراته ونقدم بعضها الآخر في لقاء لاحق ان شاء الله تعالى نجد هذا الدعاء يتعرض الى هذه الانماط من الاستجابات البشرية، متوسلاً بالله تعالى بأن يصبرنا على ما هو الصالح من التعجيل او التأخير للظهور.
والأهم من ذلك هو ان نستثمر نحن القراء لهذا الدعاء هذه الملاحظة وذلك بان "نصبر" على ما ينتخبه الله تعالى لنا من صلاح الأمر، ثم والأهم من ذلك ايضاً ان نحرص على ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة